إدمان مواقع التواصل الاجتماعية منتشر جدا حيث يقضي المراهقون والبالغون في القرن الحادي والعشرين جزءًا كبيرًا من وقتهم باستخدام مواقع التواصل.
من خلال مجموعة متنوعة من الأجهزة التكنولوجية. حيث أن قضاء وقت طويل جدا في استعمال مواقع التواصل الاجتماعية يعني وبالضرورة وقت أقل للتفاعل الاجتماعي والنشاط البدني. وكلاهما أثبت أن لهما أهمية واضحة لحماية صحتنا النفسية.
في هذا المقال سأتحدث عن أسباب استعمالنا لوسائل التواصل الاجتماعية وكيف نستغل من قبل مصممي وسائل التواصل الاجتماعية ودفعنا لاستعمال وسائل الإتصال بصورة ادمان جليّة. وأيضا كيف يؤثر استعمال وسائل التواصل الاجتماعية على صحتنا النفسية. وما هي الطرق التي من خلالها يمكننا ضبط استعمالنا لوسائل التواصل الاجتماعية.
لماذا يدمن الناس مواقع التواصل الاجتماعي ويستخدمها الكثير وبصورة مفرطة؟
تضمنت الأبحاث الحديثة في علم النفس العصبي إجابة مهمة جدا وهي أنّ كل من ينخرط في وسائل التواصل الاجتماعي يقوم بتنشيط نظام المكافآت الداخلية للدماغ.
وأضافت أبحاث أخرى أنّ الناس متحمسون لإستخدام وسائل التواصل الاجتماعية “الفيسبوك” لأسباب عديدة ومنها:
- الحاجة إلى الإنتماء والحاجة إلى تقديم الذات بطريقة ترضيهم وترضي الأخرين على مواقع التواصل
- من أجل البقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة، تكوين صداقات جديدة، وقراءة تعليقات المشاهير والسياسيين
- وتحقيق الذات، كأهم جانب من جوانب التسلسل الهرمي للإحتياجات الإنسانية. ويظهر هذا الجانب من نشر وسائل التواصل الاجتماعي عندما يشارك الناس نجاحاتهم مثل، الحصول على وظيفة جديدة، أو انهاء مشروع شاق، أو التخرج من المدرسة أو الجامعة.
لماذا نحن في حالة إدمان؟ وما هي الآليات التي تصمم وفقها وسائل التواصل الاجتماعية؟
بداية، وفقًا لمقال نشر “neulinehealth” فإن عدد الإعجابات على Facebook أو Twitter أو Instagram يؤدي إلى تحفيز نظام المكافأة في الدماغ وهو مجموعة شبكة عصبيّة المسؤولة عن التحفيزات والمشاعر “الإيجابية”.
بحيث تنطوي على المتعة كنتيجة رئيسية، مثلا تعد منطقة التجويف البطني (VTA) واحدة من الأجزاء الأساسية المسؤولة عن تحديد نظام المكافآت في الدماغ. عندما يتلقى مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعية ردود فعل إيجابية (الإعجابات). تقوم الخلايا العصبية في الدماغ بإفراز الدوبامين، وذلك ضمن مسارات دوبامينية عديدة.
- إن امتلاك مساحة خاصة على الإنترنت يعني وجود منصة خاصة للتعريف عن أنفسنا بالطريقة التي نختارها. الملف الشخصي وقواعد شخصيّة خاصة، لا يوجد إجبار لمتابعة أيّ أحد. المساحة هذه تنمي شعور حب الذات مما ينتج عنه صعوبة في تقبل آراء ومضامين الآخرين.
- ميزة السحب من أجل التحديث (scrolling\refresh) الشائعة في تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعية حيث نقوم بسحب الشاشة إلى أسفل أو طلب تحديث الصفحة. لا يقتصر الأمر على أن العملية نفسها تشبه السحب في آلة القمار. ولكنه يستفيد من عدم قدرتنا على تنبؤ النتيجة، ما يسميها علماء النفس “بالتعزيزات المتقطعة”.في بعض الأحيان. عندما نتحقق من وسائل التواصل الاجتماعية، هناك شيء مثير في انتظارنا “مكافأة”، وأحيانًا لا نحصل عليها، إن عدم القدرة على التنبؤ تجعلنا دوما نعود لاستعمال وسائل التواصل الاجتماعية وتفقدها.
- خوفنا من فوات شيء ما ( ما يسمى بال Fear of missing out)، وهي حالة تدفع الأشخاص إلى الرغبة في أن يكونوا على إتصال دائم خوفًا من فوات حدثٍ ما لا يشاركون فيه.يسبب الأمر قلقاً قهري خوفا من فقدان علاقة اجتماعية على سبيل المثال. الحاجة إلى الرد بالمثل عندما نشعر بأن شخصًا ما قد فعل شيئًا من أجلنا كي لا نفقد صداقته أو اعجابه.
تلك العلامات على Facebook و WhatsApp وغيرها من المنصات التي تشير متى قرأت رسالة صديق والضغط الاجتماعي أن تقوم بالرد أسرع ما يمكن. وقد تحصل على رسائل بريد إلكتروني تخبرك بأن لديك رسائل وإشعارات غير مقروءة. تقوم بتسجيل الدخول إلى التطبيق خشية تفويت بعض الأخبار أو ترك شخصًا معلقًا بدون رد.
ثم بعد الإجابة هناك النقاط الصغيرة التي تشير إلى قيام شخص ما بعملية الرد على رسالتك.
هذه بالطبع بضع من إضافات في التطبيقات صممت كي ندمن استعمال وسائل التواصل الاجتماعية المختلفة. لكن المشكلة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعية تكمن في عدم القدرة على ضبط وتيرة استعمالها أو عدم استعمالها بتاتا. وهذا التعلق أو الإدمان هو الذي يؤدي لمشاكل في الصحة النفسية، مثل الاكتئاب، اضطرابات القلب واضطرابات في نقص الإنتباه.
كيف نستطيع حماية أنفسنا من إدمان مواقع التوصل؟
وفق كتاب التبسيطيّة الرقمية DIGITAL MINIMALISIM لكالفن نيوبورت (Calvin C. Newport) وهو محاضر في علم الحاسوب في جامعة جورج تاون، الذي يدعو فيه إلى تطبيق مبدأ التبسيطية في المجال الرقمي عن طريق الأجهزة الرقمية.
مبدأ التبسطية هو فلسفة استخدام التكنولوجيا، وتركيز الوقت الذي نقضيه على الشبكة العنكبوتية واختيار عدد صغير من الأنشطة المختارة بعناية والمرضية وذات مغزى وتفويت أنشطة أخرى لا حاجة لنا بها.
وفق الكتاب نستطيع البدء بطريقة تسمى “Digital Declutter ” وهي ممارسة نقوم فيها بتعريف قواعد التكنولوجيا الخاصة بنا، تستغرق استراحة لمدة ثلاثين يومًا من وسائل التواصل الاجتماعية. وعند انتهاء المدة نعيد تعريف قواعد الإستعمال وكيف سنقوم باستخدام التكنولوجيا.
من المحتمل أن تكون فترة الأسبوع الأول والثاني فترة صعبة جدًا. لكن هذه المشاعر سوف تمر. وهذا الإحساس الناتج عن التخلص من “السموم” سوف يكون مفيدًا عندما يحين الوقت لإتخاذ قرارات واضحة بالنسبة لوتيرة وكيفية استعمال التكنولوجيا عند إنتهاء الثلاثين يوم.
نصيحة من ذهب: تذكروا أن التحكم بأنفسنا وتصرفاتنا ووضع الحدود للإستعمال لا ضرورة حقيقيّة له على مواقع التواصل الاجتماعي. سيعطيكم المجال للتركيز على مشاريعكم ودراستكم وعلاقاتكم الاجتماعية.