التحكم في النفس وعدم الإندفاع حالة يحاول الكثير من الأشخاص تعلمها واكتسابها كمهار. حيث يعاني الشخص المندفع من صعوبة في التحكم بالعواطف أو السلوكيات. وغالباً ما تنتهك هذه السلوكيات حقوق الآخرين أو تتعارض مع المعايير الاجتماعية والقانون.
قد يتم تجاهل إضطرابات التحكم في الإندفاع أو تشخيصها بشكل خاطئ. مما يعني أن العديد من الأفراد الذين يعانون من هذه الإضطرابات قد لا يحصلون على المساعدة التي يحتاجون إليها.
يمكن أن يساعد الفهم الأفضل لإضطراب التحكم في الإندفاع في سد فجوة العلاج وتوفير الرعاية المناسبة للأفراد. وذلك بهدف التحسين من الأعراض وقد تكون الرعاية عن طريق العلاجات السلوكية أو الأدوية في بعض الأحيان. قد يبدو جميع الأطفال متهورون يضربون ويصرخون دون تفكير في العواقب إنهم يشعرون ويتصرفون بناءاً على ذلك.
تظهر الأبحاث أن دماغ الطفل يتطور بإستمرار ولكن لا يزال الجزء المسؤول عن صنع القرار في دماغهم يتشكل حتى يبلغوا العشرين من العمر ويمكنك أن تساعد دماغ طفلك على تعلم إتخاذ قرارات جيدة والتجكم بالنفس وعدم الاندفاع.
إحدى الخطوات الأولى لإتخاذ قرار جيد هي التفكير بهدوء في خياراتنا كبالغين أو أطفال. لسوء الحظ عندما نكون منزعجين أو قلقين فإن أدمغتنا تستجيب عاطفياً وليس عقلانياً وهنا تأتي أهمية تعليم الأطفال التحكم في النفس وعدم الاندفاع وقول كلمة ( توقف قليلاً وفكر ). وتعد هذه الكلمة تذكير شفوي للأطفال أنهم بحاجة إلى تهدئة أجسادهم حتى يتمكنوا من إتخاذ الخيار الأفضل. اقرأ أيضا قبول وإدارة المشاعر وطرق تعليمها للأطفال.
خطوات اتبعها مع أطفالك لتعليمهم على مهارة التحكم في النفس وعدم الإندفاع
1. تحدث مع أطفالك عن دماغهم بإستخدام لغة مناسبة لعمرهم، خاطبهم قائلاً
دماغكم رائع يرسل الرسائل إلى جميع أجزاء الجسم ويخبره بما يجب عليه فعله. حيث يساعدك على القفز والجري كما ويساعدك على القيام بحل مسائل الرياضيات وتعلم الهجاء والقراءة. كما أنه يساعدك على إتخاذ القرارات. ولسوء الحظ لا يفكر دماغك بوضوح عندما تكون غاضباً أو مستاءاً.
2. بعد ذلك قدم مفهوم ( التوقف قليلاً) أعط مثالاً توضيحياً لأطفالك فقل لهم
أنتم تعرفون كيف توقفوا ألعاب الفيديو. ولكن هل تعلموا أنه بإمكانكم إيقاف تفكيركم مؤقتا وجسدكم وردات فعلكم كذلك. وهذا التحكم في النفس وعدم الإندفاع مهم لكم ولمستقبلكم.
3. قم بربط معلومات الدماغ بمفهوم ( التوقف قليلا ً) خاطب أطفالك مجدداً قائلاً
قد لا يستطيع عقلكم التفكير بوضوح في بعض الأحيان ولكن هل تعلموا أنه يمكنكم مساعدة عقولكم على التفكير بوضوح؟ نعم يمكنكم من خلال التوقف مؤقتاً وأخذ نفس عميق وهذا سيعطي عقلكم بعض الهواء النظيف الجيد للتفكير بشكل أفضل وأكثر وضوحاً.
4. الآن قم بإضافة الجانب العاطفي
والآن دعونا نفكر في أوقات قد يكون من الصعب فيه الإختيار الجيد لشعوركم بالحزن أو الغضب أو القلق، ربما عندما يأخذ شخص ما لعبتك دون أن يسألك أو عندما تكون مرتبكاً بشأن واجبك المنزلي هل يمكنك التفكير بشكل صحيح وواضح؟
5. ممارسة مفهوم ( التوقف قليلاً )
دماغنا الآن لا يفكر بوضوح لا يمكننا إتخاذ خيار جيد لأننا منزعجين للغاية لذلك أحياناً نضرب أو نركل أو نمزق كيف يمكننا هنا إتخاذ قرار أفضل؟ ماذا نستطيع أن نفعل؟ يمكننا التوقف قليلاً لنأخذ نفساً عميقاً. إن تأجيل ردة الفعل لإعطاء نفسك وقتاً لتهدئ ولتفكر بعقلانية أمر مهم للغاية وقد بساعدك أيضاً التوقف المؤقت على الشعور بضغط أقل للخروج بإستجابة فورية.
ألعاب تساعد طفلك في عدم الاندفاع وضبط النفس
يمكنك مساعدة طفلك على التحكم في الإندفاع وضبط النفس وزيادة التركيز من خلال مجموعة من الألعاب المليئة بالمرح والمتعة أذكر منها:
1. لعبة إجراء العمليات (Operation )
هذه واحدة من الألعاب المليئة بالمرح والمتعة وفي نفس الوقت تساعد الطفل على أخذ نفس عميق والتفكير بالمكان المناسب للقطع وتركيبها في المكان الصحيح على جسد المريض. وذلك حتى يتجنبوا صوت الجرس الذي سيصدر عند التركيب الخاطىء.
2. لعبة ( Twister )
تساعد هذه اللعبة على تعزيز قدرة الطفل على الإنتباه والتركيز حيث تتطلب منه الإستماع إلى جزء الجسم واللون الذي يناديه الحكم.
مثلاً عندما يسمع ( القدم اليسرى اللون الأصفر يجب عليه وضع قدمه اليسرى على الدائرة الصفراء على رقعة اللعب ) وهنا نكون قد ساعدنا الطفل على التركيز ثم إتخاذ الخيار الأنسب.
3. لعبة جينجا (Jenga)
لعبة أخرى تساعد في التحكم في الإندفاع وتعليم التنظيم الذاتي عند الأطفال بحيث يمكن لطفلك التركيز على محاولة عدم ضرب برج المكعبات الخشبية. تحتاج إلى سحب كتلة الخشب بعناية من البرج ووضعها في الأعلى تبدو سهلة في البداية. ولكن مع سحب المزيد من الكتل الخشبية يبدأ البرج في عدم الإستقرار ويحاول اللاعبون منع البرج من الإنهيار.
أهمية تعليم الأطفال ضبط النفس وعدم الاندفاع
تعليم الأطفال ضبط النفس وعدم الاندفاع يعتبر أمرًا مهمًا جدًا وذلك للعديد من الأسباب:
- تعزيز السلوك الإيجابي: تعلم الأطفال كيفية ضبط أنفسهم وعدم الاندفاع يمكن أن يساعد في تعزيز سلوك إيجابي. إذا استطاع الطفل التعامل بفعالية مع المشكلات والتحديات، فإنه سيكون أكثر عرضة للتصرف بشكل جيد في مواقف مماثلة في المستقبل.
- تحسين التفكير الهادئ: الضبط الذاتي يعني أن الأطفال يتعلمون كيفية التفكير قبل التصرف. هذا يشمل تقدير العواقب والبحث عن حلول بدلاً من الاندفاع العاطفي السريع.
- بناء العلاقات الاجتماعية: الأطفال الذين يتعلمون ضبط النفس وعدم الاندفاع يكونون أكثر قدرة على بناء علاقات صحية مع الآخرين. يمكنهم التعامل بفعالية مع التوتر والصراعات في العلاقات الشخصية.
- تعزيز التفوق الأكاديمي: الأطفال الذين يمتلكون مهارات ضبط النفس يمكن أن يكونوا أكثر تركيزًا وأداءًا في المدرسة. يمكنهم التعامل بفعالية مع ضغوط الاختبار والواجبات المنزلية.
- التحكم في العواطف: ضبط النفس يساعد الأطفال على التحكم في عواطفهم بدلاً من السماح للعواطف بالتحكم فيهم. هذا يمكن أن يقلل من التوتر والقلق وزيادة الرفاهية النفسية.
- التعامل مع التحديات الحياتية: يعتبر ضبط النفس مهارة حياتية تساعد الأطفال على التعامل مع التحديات والصعوبات التي قد تواجههم في مختلف مراحل حياتهم.
تعليم الأطفال ضبط النفس يتطلب صبرًا وتوجيهًا من الوالدين والمعلمين. يمكن تعزيز هذه المهارات من خلال توفير النماذج الإيجابية والتحدث عن كيفية التعامل مع المشاعر والعواطف بشكل صحيح.
إن مساعدة أطفالك على تعلم التحكم بالإندفاع بإيقاف سلوكهم وتفكيرهم لبعض الوقت هي الخطوة الأولى لا تتوقف عند هذا الحد بل ساعدهم على إستخدام إستراتيجياتهم وأفكارهم الخاصة لحل المشكلة وإتخاذ الخيار الأفضل وهذا ما سنذكره في المقال القادم إن شاء الله.