الدعم النفسي الاجتماعي عملية تسهيل القدرة على التأقلم لدى الأفراد والأسر والمجتمعات حسب (المركز المرجعي الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر المركز المرجعي للدعم النفسي الاجتماعي، 2009). ويهدف الدعم النفسي الاجتماعي إلى مساعدة الأفراد على التعافي بعد أن عطلت الأزمة حياتهم وإلى تعزيز قدرتهم على العودة إلى الحالة الطبيعية بعد معايشتهم لأحداث مؤذية.
مقالات ذات صلة:
ما هو الإفصاح عن الذات؟ وما علاقته بصحة الفرد النفسية؟
بما أن مجتمعنا يتعامل مع هذا المفهوم بكثرة مقارنة بالعلاج النفسي بكل أشكاله. لهذا أجد أهمية للتعرف على مجموعات الدعم الاجتماعي المُتشكلة من أشخاص يواجهون بالغالب ذات المشكلة.
وإن كانت المجموعات لا تتكون من الأسرة أو الأصدقاء لكنها تحمل ذات المفهوم المتقارب بمعانيه وأساساته المجتمعيّة. حيث يشير الدعم الاجتماعي (Social support) إلى الموارد النفسية والمادية التي توفرها الشبكة الاجتماعية لمساعدة الأفراد للتعامل مع الضغوطات.
وقد يأتي بأشكال مختلفة مثل:
- مساعدة شخص في مهامه اليوميّة.
- تقديم المساعدة المالية عند الحاجة.
- تقديم المشورة إلى صديق بخصوص مشكلة ما.
- توفير الرعاية والتعاطف والاهتمام.
وفي هذا الاتجاه تم تصميم العديد من المجموعات بغرض التدخل في حل مشكلة معينة من جهة مثل الاكتئاب، السمنة الزائدة، واضطراب الهلع، والقلق الاجتماعي، والإدمان، وتحسين المهارات الاجتماعية. ومساعدة الناس على التعامل مع مجموعة من القضايا مثل الغضب، والخجل، ومشاعر الوحدة ،وانخفاض تقدير الذات أو مساعدة من عانوا من خسارة ما، سواء كان زوجة أو طفلًا أو فقدان شخص بسبب الانتحار.
بماذا تتميز هذه المجموعات ؟
قد يبدو الانضمام إلى مجموعة من “الغرباء” أمرًا غير اعتياديا في البداية، لكن قد تقدم مجموعات الدعم الاجتماعي فوائد قد لا يقدمها العلاج الفردي وذلك لأنه:
- قد يساعدك في التحدث والاستماع إلى الآخرين بانتظام وعلى تقييم مشاكلك الخاصة في منظورها الصحيح فعندما تتحدث عن مشاكلك بصورة علنية وتفاعلية يساعدك ذلك على تقبل وفهم اضطرابات القلق.
بالإضافة لهذا قد يكون من المريح سماع الآخرين يناقشون ما يمرون به، لتدرك أنك لست وحدك في هذه التحديات والمشكلات. التعلم من تجارب الآخرين هي تجربة عمليّة وواقعيّة، تمكننا من تقليل العزلة الاجتماعيّة والعاطفيّة.
- التنوع هو فائدة إضافية أخرى لمجموعات الدعم الاجتماعي لتميّز البشر بشخصيات وخلفيات مختلفة، ونظرتهم للمواقف وتقييمها بطرق مختلفة.
لهذا من خلال رؤية كيفية معالجة الآخرين للمشكلات وإجراء تغييرات إيجابية، يمكنك اكتشاف الاستراتيجيات اللازمة لمواجهة مخاوفك الخاصة.
- مجموعات الدعم الاجتماعية مناسبة تمامًا لتبادل مشاعر الحب والتقبل لأن الأشخاص الذين يواجهون تحديات مماثلة هم أكثر قدرة على الفهم والتعاطف مع بعضهم البعض.
إن التعبير عن الحب أمر حاسم لنجاح هذا النوع من المجموعات كي تكون هناك إمكانية لخلق مساحة آمنة للمشاركة دون الحكم المُسبق على الآخرين.
لنلخص إذا ما هي فوائد مجموعات الدعم الاجتماعي من خلال مميزات هذا النوع من المجموعات:
- تعزيز الأمل وتقديم الدعم المعنوي.
- استراتيجيات للتأقلم مع الحدث أو المشكلة.
- التغلب على العزلة الاجتماعية والعاطفية.
- بناء شبكات دعم اجتماعية.
- التعلم من تجارب الآخرين.
- الشعور بالسيطرة على الموقف.
- التغلب على مشاعر وصمة العار المتأثرة من نظرة المجتمع.
- التعرف على الخدمات المتاحة من خدمات استشارية، وتدخلات علاجية نفسيّة.
وفق كتاب دليل علم النفس المجتمعي للكاتب جيم أورفورد (Jim Orford) بروفيسور في علم النفس العيادي والمجتمعي في جامعة بيرمينغهام أرفق الكاتب مثالاً لمجموعة أمهات وآباء في لندن لأطفال ذوي مشاكل جسدية. كان لدى الأطفال صعوبات تعلم محددة، وعسر في الهضم، واضطراب نقص الانتباه أو تأخر في الكلام، واضطرابات في سلسلة التوحد.
وبمساعدة مقاييس التصنيف القياسية، وصف الأهالي مجموعاتهم بشكل إيجابي للغاية من حيث المساعدة والرضا، وأعطوا تقييمات عالية بشكل خاص للتماسك بين المجموعة.
بالإضافة لذلك قد أفادوا أن المجموعات زودتهم بمعلومات ساعدت على تقليل مشاعر عدم اليقين بوضعهم ووضع أبنائهم وتقليل مشاعر عدم المعرفة والخبرة. بالإضافة لقدرتهم على التغيير والتي تضمنت الشعور بمزيد من الثقة، والحزم، والتعامل بأقل خوف وأكثر تقبلاً لمشاكل أطفالهم.
نهاية، وبما يخص الأزمة الحالية لفيروس كورونا، الدعم الاجتماعي هو مفهوم مركزي في علم النفس المجتمعي. يعمل على فهم المساعدة التي تحدث بين الأشخاص الذين يتشاركون نفس الأسر والمدارس والأحياء وأماكن العمل والمنظمات ومرافق المجتمع الأخرى.
من تجاربنا الخاصة مثلاً، ندرك جميعًا الفوائد التي يمكن أن تحدث، سواء كانت ملموسة أو غير ملموسة، عندما يساعد الجيران بعضهم في أوضاع مثل حالة الطوارئ الحالية.
ويلاحظ كيف يمكن للدعم الاجتماعي المعبر عنه بين أفراد المجتمع المساهمة في إحساسنا النفسي بالانتماء للمجتمع. وكيف في بعض اللحظات الأكثر تحديًا في حياتنا. عندما نواجه خسارة عميقة أو تهديدات خطيرة تؤثر على صحتنا النفسية. غالبًا ما نبحث عن آخرين للحصول على معلومات أو طمأنة أو نصيحة أو مساعدة ملموسة.