السمنة وزيادة الوزن من عوامل الخطر الرئيسية لعدد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك مرض السكري، وأمراض القلب، والأوعية الدموية، والسرطان.
مقالات ذات صلة:
ماهو مؤشر كتلة الجسم؟ وماهي طريقة حساب مؤشر كتلة الجسم؟
كما يمكن أن تؤدي أيضًا إلى تحيز الوزن الزائد (مثلا في أماكن العمل هناك تحيز ضد الذين يعانون من السمنة فلا يتم اختيارهم للعمل أو يتم معاملتهم بازدراء والتندر عليهم) ووصمة العار الناتجة عن السمنة.
إن وصمة العار الناتجة عن السمنة منتشرة في كل مكان، حيث أظهرت دراسة حديثة من بلد في أوروبا الغربية أن 18.7٪ من المصابين بالسمنة يعانون من وصمة العار. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، كان الرقم أعلى بكثير – 38٪. يعاني الأفراد المصابون بالسمنة من وصمة العار من المعلمين وأرباب العمل والمهنيين الصحيين ووسائل الإعلام وحتى من الأصدقاء والعائلة. ولا يختلف الحال كثيرا في بلادنا العربية!
تعتبر وصمة العار المرتبطة بالسمنة سببًا أساسيًا لعدم المساواة الصحية، وترتبط وصمة العار بالسمنة بعواقب فسيولوجية ونفسية كبيرة. بما في ذلك زيادة الاكتئاب والقلق وانخفاض احترام الذات والعزلة الاجتماعية. يمكن أن يؤدي أيضًا إلى اضطراب الأكل وتجنب النشاط البدني وتجنب الرعاية الطبية.
إن تأثيرات التحيز في الوزن ووصمة العار الناتجة عن السمنة شديدة جدا وخصوصا على الأطفال. حيث تشير الدراسات إلى أن الأطفال في سن المدرسة الذين يعانون من السمنة لديهم فرصة أكبر بنسبة 63٪ للتعرض للتنمر. وإذا ما تعرض الأطفال والشباب للتنمر أو الإيذاء بسبب أوزانهم من قبل أقرانهم أو أفراد أسرهم أو أصدقائهم. وذلك يمكن أن يؤدي ذلك إلى إثارة مشاعر الخزي التي قد تؤدي للاكتئاب وتدني احترام الذات وضعف صورة الجسد (أي كره الفرد نفسه بسبب شكل جسمه) وقد يصل الأمر للانتحار.
وفي دراسة أجريت في عام 2020 على طلاب المرحلة المتوسطة والثانوية في نيويورك، أظهرت أن هناك تحيزا واضحا ضد الطلاب ذوي الكتلة الجسمية الأكبر. وأن هذا التحيز يزداد بازدياد الوزن. يمكن أن تتضمن المواقف المتحيزة للوزن من قبل المعلمين توقعات أقل من الطلاب (النبوءة المحققة لذاتها: يتوقع المعلم أداء سيئا من الطالب فيشعر الطالب بذلك وبالنتيجة ينخفض أداء الطالب الدراسي)، مما قد يؤدي إلى نتائج تعليمية منخفضة للأطفال والشباب المصابين بالسمنة. وهذا بدوره يمكن أن يؤثر على فرص حياة الأطفال ومستقبلهم، ويؤدي في النهاية إلى عدم المساواة الاجتماعية والصحية.
إن المبالغة في تبسيط وتهوين أسباب السمنة والإيحاء بأن الحلول السهلة ستؤدي إلى نتائج سريعة ومستدامة على سبيل المثال. “تناول كميات أقل، وكن أكثر نشاطًا” تساهم في تكوين تحيز الوزن (حيث يفكر الأفراد العاديين أن الأشخاص ذوي الوزن الزائد كسالى وأغبياء ولا يريدون بذل مجهود ويبدؤون بالتصرف بناء على ذلك الفكر مع الأشخاص ذوي الوزن الزائد). بل حتى أنها تساهم في تكوين توقعات غير واقعية. وتتجاهل التحديات التي يمكن أن يواجهها الأشخاص المصابون بالسمنة في تغيير السلوك. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يركز هذا النقاش حول السلوكيات الفردية وفشل الفرد نفسه. دون الالتفات إلى مراعاة العوامل الاجتماعية والبيئية المهمة للسمنة وزيادة الوزن .
ونتيجة للنظرة السلبية لذوي الوزن الزائد فإن الأفراد السمينين يحاولون مرارا اتباع حميات غذائية لخسارة الوزن، فتارة ينجحون ومرات كثيرة يفشلون.
وهذا الأمر قد يعرضهم إلى ظاهرة تسمى تأثير اليويو. حيث إنهم يخسرون بعض الوزن، ثم يعاودون اكتسابه، ثم يعاودون خسارة الوزن ويعاودون اكتسابه. يتعدى تأثير اليويو المخاطر الجسمية إلى انكسار نفسي ويساهم في تغذية الانخفاض في التقدير الذاتي. حيث يعتقد صاحب الوزن الزائد بأنه فاشل ولا يصلح لعمل شيء أبدا.
والواقع أن هذا ليس صحيحا البتة. مشكلة الناس ذوي الوزن الزائد لا يدركون بأن اكتساب الوزن عادة سيئة مثلها مثل إدمان الكحول والمخدرات والقمار. أو مثلها مثل عادة قضم الأظافر أو نتف الشعر!
إذا ما أدرك الشخص ذو الوزن الزائد أن ما لديه هو سلوك وعادة سلبية وأنه يمكن تعديل هذا السلوك فإنه لن يخسر وزنا فحسب، بل إنه لن يتعرض لتأثير اليويو وسيحافظ على الوزن الذي فقده وستتحسن صورته الذاتية ويرتفع تقديره الذاتي.
ويجدر بالذكر أن تغيير عادة أو سلوك جيد لا يقتصر وحده على الفرد، بل يمتد إلى المجتمع والبيئة المحيطة. فلا نتوقع من شخص مدخن ويعيش بين مدخنين أن يستطيع التغلب على سلوك التدخين بسهولة كما لو كان مدخن آخر يعيش في وسط لا يوجد فيه مدخنين.
إن تغيير العادات والسلوكيات خاصة السمنة وزيادة الوزن ليس بالأمر السهل. وأيضا ليس مستحيلا، فهو أمر يحتاج الصبر والتصبُّر. ويمكن الالتحاق بجلسات العلاج السلوكي المعرفي للسمنة لتغيير السلوكيات المسببة للسمنة. فقد أثبتت دراسات كثيرة فعالية العلاج المعرفي السلوكي مع الأفراد بشكل كبير وبدون إعادة اكتساب الوزن. ويكون هذا لأن الفرد كون نمط حياة صحية ولم يعتمد فقط على نوع معين من الحميات المشهورة ولفترة زمنية معينة.