بكاء الرجل أمر طبيعي لكن هناك الكثير ممن يعانون من نظرةٍ إجتماعية متوارثةٍ قاسية متخصصة بالنظر إلى الرجل على أنه بطل خارق. لا يحق له أن يحزن ولا أن يبكي ويجب عليه أن يكبت ويكتم مشاعره، وإن لم يفعل ذلك سوف يفقد لقب “الرجولة”.
مقالات ذات صلة:
طرق تغيّر بها الأبوة دماغ الرجل.
لنعود خطوةٍ إلى الوراء، ونتكلم عن الدوافع التي تسبب لنا البكاء والحزن وهو ما يسمى بالضغوط النفسية.
تعّرف الضغوط النفسية على أنها ردود الفعل الفكرية – الشعورية – السلوكية – الجسمية المرتبطة بعوامل متعددة والناتجة عن أحداث تتضمن إعاقة حقيقية أو متخيلة لحاجات الفرد أو تحقيقِ أهدافه نتيجة صراع أو حرمان أو تغيّر.
بكاء الرجل بسبب الضغوط النفسية مثل :
-
الضغط اليومي:
الذي نعاني منه خلال يومنا الطبيعي من حيث ضغوط العمل والمنزل والجامعة. وما إلى ذلك من الضغوط ويكون هذا الضغط إيجابيًا مادام الإنسان قادرًا على أن يتعامل معه.
-
الضغط التراكمي:
هي حالة من الضغط التي تحدث عندما تستمر مصادر الضغط النفسي من حيث الكّم أو الحدة أو الشدة. وتتجاوز قدرة الفرد على التكيّف مع الضغوط.
-
الضغط الشديد:
ويحدث عندما لا تستطيع قدرة الإنسان على التحمل، وينتج الضغط الشديد عندما يتعرض الإنسان إلى حدث صادم. ولكن عند حدوث ضغط نفسي يستخدم الإنسان العديد من استراتيجيات أو اساليب التكيّف ليستطيع التكيّف مع الضغوط النفسية التي تواجهه في الحياة.
-
أساليب التكيّف مع الضغط النفسي :
- التكيّف الموجبة مثل البكاء والحزن.
- التكيّف السالبة.
-
بعض الدراسات التي تحدثت عن البكاء وما هي فوائده النفسية والصحية :
في دراسة أجريت عام 2014 حول أثر البكاء في تنشيط الجهاز الباراسمبثاوي والذي يؤدي لتهدئة النفس. وتنطلق الدراسة من الفرضية العامة التي تنص على ” أن البكاء سلوك مهدئ للذات “.
-
حيث تناولت الدراسة عدة مواضيع منها :
التهدئة الذاتية : وهو شكل من أشكال تنظيم المشاعر والذي يتضمن عمليات خارجية وجوهرية تشارك في رصد وتقييم وتعديل ردود الفعل العاطفي. ونحن نستخدم السلوكات التي تؤدي إلى تقليل المشاعر السلبية والإثارة الفسيولوجية مما يؤدي في نهاية الأمر إلى التوازن.
والرجال يعانون من مشكلة التعبيير الإنفعالي والبكاء تحديدًا، بسبب منظومة إجتماعية ونظرة قاسية متوارثة من قبل المجتمع للرجل. في دراسة أجريت عام 2011 عن دور انخفاض المزاج في تحفيز الإنسان على العمل خاصة إذا تبع هذا الإنخفاض في المزاج ارتفاع بسبب وجود محفّز. حيث أجريت على عدد من العمال الذين واجهوا عوامل سيئة تؤدي إلى انخفاض المزاج في فترة الصباح وحلصوا على عوامل جيدة بعد فترة الظيهرة. وتم قياس مدى الإختلاف على حافزية العمل وعلى الإنتاج.
وترى دراسة أجريت عام 2007 أن الشخص الحزين أكثر قدرة على الإقناع وأعلى قدرة على التأثير الإجتماعي. وإن شعور الحزن بوقت الصدمة صحي ومفيد. ولا يجب أن يكبت الشعور بحكم النظرات الإجتماعية التي تكون قاسية في كثير من الأحيان والتي لا تراعي جميع الفئات داخل المجتمع.
فيجب دائمًا النظر إلى الجانب العلمي، وتناول المواضيع التي تتحدث عن الصحة النفسية والعوامل المؤثرة فيها. ولا يجب الحكم على الأشخاص اطلاقًا، ونحن نعاني في مجتمعنا من إطلاق الأحكام العشوائية التي لا تَمتُ للحقيقة بصلة.
فلا عيب في بكاء الرجل، ولا عيب في من يحزن عند فقدان قريبٍ عليه أو عزيز، ولا عيب بالتعبير عن المشاعر، ولا عيب بالإستماع للآخرين. ولا عيب بالتعاطف مع الآخرين والإنصات الفعّال إلى همومهم وتقديم يد العون والمساعدة لهم، ولا عيب بالتعاون بين الأصدقاء والأهل والأحباء.
يكون الحزن شعورٌ صحيّ عندما نحتاج أن نحزن، وتختلف الحاجة إلى الحزن من موقفٍ إلى أخر ومن شخصٍ إلى أخر، ويكون سلوك البكاء سلوكًا صحيًا عند الحاجة إلى البكاء. ولا نحتاج لسلوك البكاء لجذب شفقة من حولنا، فهو شعورٌ صحيٌ عند الإستخدام المناسب له. كذلك لا يجب كتمان وكبت الحاجة إلى هذا السلوك. فكل ما يتم كبته لا بد ان يخرج يوما ما وبطريقة ما.