المرونة النفسية يعرفها الطبيب أميت سود مصمم برنامج “Resilient Mind” في مايو كلينك في روتشستر، مينيسوتا على أنها ” قدرتك على الصمود في وجه الشدائد والنمو على الرغم من فترات الركود الصعبة في الحياة “.
مقالات ذات صلة:
العلاج الكلامي للأمراض النفسية دون دواء!
يواجه المرء في محطات حياته كثير من الظروف ما بين الشدة والرخاء، وما يتبعها من مشاعر إيجابية أو سلبية.
بأوقات الرخاء تكثر وتتدفق المشاعر الإيجابية، ويتمتع المرء آنذاك بطاقة إيجابية مذهلة تدفعه لسلوكات متوازنة وصحية. ولكن بأوقات الشدائد تنتاب المرء مشاعر سلبية مما يؤثر على أنجازه وأداءه ويفقد القدرة على التوازن المطلوب لإتمام مهامه وأنشطته بالشكل الجيد. كذلك لا نستطيع إنكار حقيقة أن الشدائد هي من حقائق الحياة الموجودة والتي يمر بها جميع الناس، ولا مفر من ذلك.
ويبقى السؤال الأقوى لماذا يعيش الناس الشدائد بصور مختلفة وبقوى متباينة ؟ فالبعض يواجه الشدائد والأزمات بثبات نفسي وعقلي أكثر من الآخرين إذا ما هو السر الذي يكمن في ذلك؟
إن ما يميز الأفراد بمدى ذلك هو مقدار تمتعهم بما يسمى ” المرونة النفسية” فالمرونة كمفهوم عام يمثل القدرة على التكيف. والمرونة قد تأخذ أشكالاً مختلفة كالمرونة النفسية، والعاطفية، والبدنية، والمجتمعية، ومفهوم المرونة النفسية تحديداً يشير إلى القدرة على التعافي من أحداث الحياة الصعبة.
والشيء الذي يدعو للتفاؤل هو أن المرونة ليست سمة ثابتة. حيث يمكنك بناء أو تعزيز المرونة عن طريق تغيير الأفكار والسلوكيات، وإيجاد قوتك الداخلية، وزيادة القدرة على التكيف. وكذلك الدعم الإجتماعي والتخطيط الواقعي واحترام الذات ومهارات المواجهة ومهارات الإتصال والتنظيم العاطفي.
لكن المرونة ليست بهذه الجودة السحرية؛ حيث يستغرق العمل لتجاوز الشدائد وقت وجهد ذاتي وبشكل جدي حتى بعد إنتهاء الشدائد أيضاً. حيث يستطيع الأشخاص المرنون تغيير المسار والتحرك نحو تحقيق أهدافهم والتفكير بآليات أكثر مرونة للمستقبل.
ولنبني المرونة النفسية لدينا نستطيع القيام بما يلي حسب ما ذكرته جمعية علم النفس الامريكية American Psychology Association:
اكتساب مهارات التواصل الفعالة :
كبناء العلاقات المتينة مع أفراد الأسرة، والأصدقاء وغيرهم من الأشخاص المهمين، وأن يكون لدى الشخص تقبل لدعم ومساعدة هؤلاء الاشخاص. فوجود الأشخاص الداعمين بحياتنا له أثر إيجابي كبير لأنه يؤدي إلى الشعور بالأمان.
تجنب رؤية الأزمات على أنها شيء يستحيل مواجهته :
فنحن لا نغير حقيقة هذه الأزمات، لكن يمكن تغيير كيفية تفسيرها مما يحتاج إلى التفكير بشكل أكثر فعالية مع الأحداث الضاغطة حتى ينعكس إيجاباً على القدرة على التعامل معها، ونبتعد عن الشعور بأننا ضحايا، أو تفسير الأمر تحت مظلة نظرية المؤامرة.
التغيير/ التقبل :
نستطيع أحياناً تغيير بعض الظروف الحياتية، ولكن بأوقات أخرى لا نملك القدرة على تغييرها، ومن الصعب وقتها أن نقف مكتوفي الأيدي ونشعر بالعجز. لذلك لا بد من تقبل هذه الظروف لأن هذا يساعد على توفير الوقت والجهد والتركيز بشكل واقعي على مواجهة الحدث أو الأزمة والتعامل مع المعطيات الموجودة.
المضي قدماً لتحقيق الأهداف التي يضعها الفرد:
فلا بد من تطوير بعض الأهداف الواقعية، حتى لو كانت البداية بإنجازات بسيطة، لا بأس استمر بذلك، فتحقيق الأهداف والشعور بالإنجاز يجعل لدى الشخص طاقة إيجابية هائلة.
اتخاذ الإجراء المناسب بالمواقف السلبية :
بدلاً من الإنفصال عن المشاكل أو محاولة انكارها، وتمني زوالها دون رد فعل مناسب وحاسم.
البحث عن فرص لاكتشاف الذات:
عندما نواجه المشكلة فنحن نتعلم ونعرف عن أنفسنا أكثر، ونكتشف نواحي القوة وقد نتفاجأ بما اكتشفناه، ويزيد ذلك من الإحساس بقيمة الفرد لذاته.
إبقاء الأمور في مقدارها وحجمها المناسب:
حتى عند مواجهة الأحداث المؤلمة للغاية لا بد من عدم المبالغة بردود الفعل ومحاولة النظر لأي جوانب بالمشكلة تساعدنا على التوازن قليلا. وهذا ينطبق أيضاً على القدرة على تغيير زاوية النظر للامر بدلاً من حصره بزاوية معينة، وتضخيم عواقبها.
الحفاظ على نظرة متفائلة:
حيث تتيح النظرة المتفائلة توقع حدوث أشياء جيدة، الأمر ليس خيالياً فقط حاول تصور ما تريده بدلاً من القلق مما تخشى حدوثه.
الإعتناء بنفسك وحاجاتك ومشاعرك وجسمك :
كممارسة تمارين الاسترخاء والتنفس العميق، والرياضة فالحفاظ على عقلك وجسمك يساعدك على الإستعداد للتعامل مع المواقف الضاغطة بمرونة أفضل.
التنفيس الإنفعالي عما حدث وعما واجهناه:
كالكتابة بشكل عميق عن الأفكار والمشاعر المرتبطة بالصدمة أو الازمة. أو التأمل وممارسة الطقوس الروحانية التي يرتاح لها الشخص، فهذا يساعد على التعافي والشعور بالأمل والسكينة.
وسأهمس لكم بسر بسيط لكن هو مفتاح الأمر كله والذي يكمن بتحديد الطرق التي ترى أنك تستطيع من خلالها تعزيز مرونتك النفسية. فلكل شخص أسراره التي لا يدركها ويعرفها أحد غيره. “أنت أكثر شخص يعرف ما يملك، ويعرف كيف يكون قوياً ومتوازناً”