الإفصاح عن الذات (Self-Disclosure) هو جزء من علاقة يملئها الثقة والحب، وذلك يحصل عندما يكشف الانسان عن تجارب ومعلومات لشخص آخر بشكل تلقائي بالكامل، وتتراوح المعلومات من كونها سطحية نوعا ما إلى معلومات أكثر خصوصية.
هناك العديد من القرارات التي تدخل في عملية الكشف عن الذات. لدينا العديد من أنواع المعلومات التي يمكننا الكشف عنها. ولكن يتعين علينا تحديد ما إذا كنا سنواصل الكشف أم لا من خلال النظر في الموقف والمخاطر المحتملة. ثم يجب أن نقرر متى وأين وكيف نكشف. نظرًا لأن كل هذه القرارات ستؤثر على علاقاتنا، فسوف نفحص كل منها على حدة.
ما علاقة الإفصاح بالصحة النفسية للفرد؟
للإفصاح عن الذات تأثير إيجابي لتحسين نفسية الفرد ومن المقومات الأساسية للصحة النفسية فعلى سبيل المثال يعتبر الإفصاح عن الذات طريقة:
- للحد من التوتر الناشئ عن العلاقات الاجتماعية.
- التخفيف من مشاعر ونوبات القلق.
- دعم وتحسين العلاقات الاجتماعية بكافة أنواعها.
- تعزيز التوافق الزواجي.
- تحسين الصورة الذاتية للأفراد مثل الشعور بتقبل الذات واستعادة القيمة بأنفسنا ويحدث هذا لأن فهم الآخرين لنا يخلق شعورًا بالإنتماء والقبول الاجتماعي.
وظائف للافصاح عن الذات
وفق الباحثان في علم النفس ديرليجا وجرزالك Valerian derlega), Janusz Grzelak) يوجد خمس وظائف للافصاح عن الذات:
- التعبير (Self-Expression) وهو بغرض التعبير عن المشاعر المكبوتة والمعاناة الشخصية.
- التوضيح (Self-Clarification) وهو تقديم صورة واضحة عن آراء ومبادئ الشخص للآخرين.
- التصديق الاجتماعي (Social Validation) وهو عندما يقوم الاخرين الإفصاح عن آرائهم بطريقة مؤيدة لما قاله الفرد.
- تنمية العلاقات الاجتماعية (Relationship Development) من خلال الإفصاح عن الذات واستكشاف الآخر تُطور العلاقات وتتفاعل.
- الضبط الاجتماعي (Social Control) وهو الاقرار بالحدود الشخصية وتحديد السلوكيات غير المقبولة للفرد التي لا يود أن يتجاوزها أحد.
ما هي علاقة الإفصاح عن الذات وديمومة العلاقات؟
بما أن الإفصاح عن الذات ليس أمرا إيجابيًا بالضرورة. يجب أن نسأل أنفسنا في كل علاقة، ما هو الدافع لمشاركة هذه المعلومات؟ هل هناك أيّة دوافع إيجابية في المشاركة؟ هل يساعد الإفصاح عن الذات الأصدقاء أو الشركاء في فهمنا؟ وهل هي عملية تشاركيّة وتفاعليّة؟
إن كان أحدكم يشارك والآخر لا يشارك، فسيحدث خلل في العلاقة، فالعلاقة الناجحة تتميّز بالأخذ والعطاء؛ التوازن في التشارك والتلقي فمثلا الرسالة التي يتلقاها الشريك أو الصديق عند حجب أو إخفاء الجزء الشخصي عن نفسك، هي خلل في الثقة.
كذلك من المهم ملاحظة أن الافصاح عن الذات يجب أن يكون عملية تطوعية، أي عدم السماح للشريك أو الصديق بالدفع إلى الإفصاح عن شيء لا يود الإفصاح عنه. من أجل تحسين مهاراتنا في كذلك من المهم ملاحظة أن الافصاح عن الذات يجب أن يكون عملية تطوعية، أي عدم السماح للشريك أو الصديق بالدفع إلى الإفصاح عن شيء لا يود الإفصاح عنه.
- ليكن لدينا رأينا الخاص وتقديم أفكارنا ومشاعرنا.
- استخدام عبارات حسيّة، لوصف ما نراه ونسمعه ونمسه فيساعد هذا على نقل التجربة الحسيّة للأمور وتقريب ومشاركة التجربة مع الشريك أو للصديق.
- استخدام العبارات التفسيريّة، وصف ما نفكر به، نصدقه ونفترضه.
ومن ضمن تحسين هذه المهارة علينا أن نفهم ونعي مساوئها وأضرارها. على الرغم من أن الافصاح عن الذات يبدو أنه وسيلة ممتازة لبدء المحادثات والتعرف على أشخاص جدد وتطوير العلاقات. إلا أن الحقيقة هي أننا في بعض الأحيان أفضل حالًا بدون ذلك.
بعد ذلك فهناك بعض الأخطاء التي نرتكبها فمثلا، أحيانا نقوم في إسقاط صورة كاذبة عن أنفسنا لأن جميع المعلومات التي نشاركها عن أنفسنا هي “معلومات جيدة”. لا نتحدث عن الأشياء التي لا نملكها ولا نذكر عيوبنا وضعفنا.
إذا قدمنا فقط معلومات جيدة عن أنفسنا فقد نعرض صورة زائفة عن الكمال وقد تجعلنا نفقد مصداقيتنا أمام الشريك أو الصديق أو القيام بالإفصاح عن الذات بطريقة غير مناسبة وبدون وعي ذاتي أن ما قلناه كان غير حكيما وغير مناسبا وخاصة عندما تتشكل ردة فعل سيئة لإفصاح الآخرين عن تفاصيل شخصية. فقد يكون للإفصاح عن الذات تأثيرًا معاكسًا فهذا يضع الأشخاص الآخرين في موقف غير مريح، إذا انتهى بهم الأمر إلى معرفة الكثير عن شخص ما.
وعلى الرغم من أنه قد يكون من المريح بالنسبة للفرد أن يتخلص من شيء يضيق به، إلا أن المعلومات التي يشاركها قد تشكل عبئًا على الآخرين كذلك يجب أن يشعر الأفراد بالأمان والرضى عند قرارهم الإفصاح ومشاركة الآخرين وليس لأنهم يتعرضون لضغوط للقيام بذلك بالمقابل لما يُفصح عنه الآخرين. ومن المهم جدا عدم الإفصاح عن الذات لجذب الأنظار، أو لصرف الانتباه عن قضايا الآخرين. اقرأ أيضا كيف تفيد الكتابة في العلاج النفسي
هل نستطيع التحكم بنظرة الآخرين عندما نفصح عن ذواتنا؟
كذلك على الرغم من أننا لا نستطيع التحكم في كيفية استجابة الآخرين لإفشاءاتنا الذاتية إلا أنه يمكننا التحكم في كيفية ردنا على إفصاح الآخرين عن أنفسهم. يمكن أن تؤثر استجابتنا على تقديرهم لذاتهم واتصالهم بنا (يمكن أن تؤثر استجابتهم علينا بنفس الطريقة). لذا فإن التفكير في كيفية استجابتنا أمر ضروري لعلاقات اجتماعية ورومانسية سعيدة
وأخيرا، نظرًا لأن الكشف أمر أساسي في العلاقات الشخصيّة والأسرية والزوجية فإن تحديد سبب التعبير عنها وكيفية إدارتها أمر بالغ الأهمية لفهم الإنسان. وخاصة داخل العائلات نظرًا لأن العائلات توفر ملاذ آمن لأفرادها يمكن من خلاله التعلم واكتساب الدعم الاجتماعي.
لهذا فهم أهمية وظائف الافصاح عن الذات هي ضرورية لنمو الأفراد وتطورهم أما الكبت ينجم عنه سوء الفهم وتدهور العلاقات الاسرية، والزوجية والشخصية.