التوحد الزائف أو التوحد الافتراضي الذي يكون من الصعب لاتمييز بينه وبين اضطراب طيف التوحد. لذا يكون من الصعب رؤية العلامات المبكرة لاضطرابات طيف التوحد عند الأطفال الصغار جدًا.
فبعض الأطفال لديهم العديد من هذه العلامات التحذيرية المبكرة، في حين أن البعض الآخر قد يكون لديهم القليل منها فقط ويصعب التمييز. كلما أمكن التعرف على التوحد في وقت مبكر من عمر الطفل وتقديم التدخل المناسب كلما كان ذلك أفضل.
ما هو هذا السلوك (التوحد الافتراضي أو التوحد الزائف)؟
يتم تشخيص اضطراب طيف التوحد بناءً على وجود أعراض متعددة تعطل قدرة الشخص على التواصل. وكذلك وتكوين العلاقات والاستكشاف واللعب والتعلم. قد يعاني الطفل من عدد قليل من الأعراض الشبيهة بالتوحد منها التأخر اللغوي وضعف التواصل البصري والتشتت وتكرار أو إعادة الكلام وراءنا. وهذا ما يسمى التوحد الزائف أو التوحد الافتراضي.
ووجدت الدراسات الحديثة أن العديد من الأطفال الصغار الذين يقضون وقتا طويلا أمام الشاشات على التلفاز وغيرها تظهر عليهم أعراض تشبه التوحد. لكن عندما يسحب الآباء الشاشات لبضع أشهر مع تقديم التدخل المناسب تختفي هذه الأعراض. وهذا هو التوحد الإفتراضي أو توحد الشاشات الإلكترونية.
إذ يتميزون أطفال التوحد الافتراضي بأنهم أقل انخراطًا في التفاعلات الإجتماعية اليومية. وتكون إحدى أسبابها ألا يكون لدى الوالدين وقت للعب أو التحدث مع الطفل. بالإضافة إلى ذلك الاستخدام المستمر للتكنولوجيا من قبل الطفل مثل الهواتف الذكية.
كيف نتجنب التوحد الافتراضي أو الزائف؟
من أهم النقاط التي تساهم في تجنب حدوث التوحد الإفتراضي:
1. تحدث إلى طفلك في أغلب الأوقات إذ يساعد التحدث مع طفلك الصغير في تطوير لغته وتواصله وفهمه للغة وتبادل الأدوار والحوار.
هذا لأن الآباء الذين يتحدثون كثيرًا مع أطفالهم الصغار يستخدمون الكثير من الأصوات والكلمات المختلفة. فعندما يسمع الأطفال المزيد من الكلمات يساعدهم على تحسين فهمهم للغات. وكذلك يزيد من عدد وتنوع الكلمات التي يمكنهم فهمها واستخدامها. يمكن للتواصل ثنائي الإتجاه بين الطفل البالغ والمعلم والطالب والصديق أن يعزز مهارات اللغة والتواصل.
2. احتفظ بالهواتف الذكية بعيدًا وتجنب إعطاء الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 شهرًا.
بالنسبة للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 18 شهرًا. حدد وقت الشاشة لأقل من ساعة واحدة في اليوم. وشجع طفلك على الانغماس في الألعاب الداخلية والخارجية ولعب الأدوار معهم. وكذلك خلق فرصًا جديدة لإبقائهم مشاركين ومتفاعلين. مثل دعوة أصدقائهم واللعب في المنزل، وإشراكهم في الرسم. وكذلك تعليمهم ركوب الدراجة حتى يتم تعويض الوقت الذي قضوه على الشاشات بدون تفاعل وتواصل.
كلما أمكن تحديد وعلاج التوحد الافتراضي أو الزائف في وقت مبكر كلما كان ذلك أفضل. إذا كان طفلك يعاني من أعراض تشبه أعراض التوحد، فلا داعي للذعر فمع العلاج المناسب والتدخل المبكر. كذلك ستتحسن الحالة في غضون 6 أشهر وقد يحتاج لأكثر حسب مشكلة الطفل وحسب المدة التي تأخر التدخل فيها.
ومع كل التحذيرات إلا أنه يتمتع الأطفال حاليا بإمكانية الوصول إلى الأجهزة الذكية واستخدام التكنولوجيا بشكل يومي أكثر من الجيل السابق. إذ تشير الدراسات إلى أن زيادة وقت الشاشة ينتج عنه سلوك منحرف وانخفاض الإدراك وتأخر في اللغة إذ أن التعرض المبكر للشاشات يعطي تأثيرا كبيرا على تطور اللغة والسلوك الشبيه بالتوحد (التوحد الافتراضي).
إذ أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يقضون ثلاث ساعات يوميا يعانون من التأخر اللغوي ومشاكل في الانتباه والتركيز وفرط في النشاط وانخفاض في القدرة المعرفية. بالإضافة إلى ذلك بعض الآباء يعرفون أضرار الشاشات إلا أنهم يفخرون بقدرة أطفالهم على استخدام التكنولوجيا. وأود أن أذكر ما أفادته بعض الدراسات إلى أن التعرض المبكر للشاشات تحدث تغييرات كيميائية وتشريحية في الدماغ. إذ تم العثور على انخفاض تركيز الميلاتونين بشكل ملحوظ عند الأطفال الذين تعرضوا للشاشات ولوحظ أيضا نقص في الناقل العصبي مثل الدوبامين والاسيتيل كولين وحمض جاما أمينوبوتيريك وهيدروتريبتامين.
من الضروري معرفة أنه يتعلم الأطفال معنى الكلمات من خلال التفاعل الاجتماعي من خلال اللعب بأشياء حقيقة وجعل شخص ما ينظر إليه ويتحدث معه. مثلا عند الخروج نقول للطفل “البس البوت لنذهب في نزهة إلى الحديقة” إذ يربط فعل اللبس للبوت مع الذهاب في نزهة مع فهمه للكلمات حسب السياق. فيتعلم الطفل عن العالم مثلا من خلال لعبة بيده أو يشعر بها فيسجل دماغ الطفل هذه الوصلات ويزيد التواصل. إذ لا يمكن أن يتطور دماغ الطفل الصغير بدون حاسة اللمس والتفاعل مع الأشياء. على العكس من ذلك مع الشاشات فقط ينجذب انتباه الطفل ولا ينمو دماغه بشكل صحي من كثرة الضوضاء السمعية والبصرية والمثيرات المبالغ فيها.
علاج التوحد الزائف
معالجة الأطفال الذين يظهرون أعراضًا تشبه التوحد تتضمن مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات والعلاجات. إليك بعض النهج الشائعة التي يمكن أن تستخدم لعلاج الأطفال الذين يعانون من التوحد الزائف:
- التقييم الشامل: يجب أن يتم تقييم الطفل بعناية من قبل متخصصين في التوحد والصحة النفسية لتحديد طبيعة الأعراض والتأكد مما إذا كانت متعلقة بالتوحد الزائف أم بحالات أخرى.
- التدخل المبكر: مثلما ينصح في حالات التوحد الحقيقي، يعتبر التدخل المبكر ضروريًا في حالات التوحد الزائف. ذلك يتضمن العمل مع الطفل على تطوير المهارات الاجتماعية والتواصل وتقديم الدعم المناسب للمشكلات السلوكية.
- العلاج النفسي والعلاج السلوكي: يمكن أن يكون العلاج النفسي والعلاج السلوكي مفيدين لمعالجة الأعراض والتحديات التي قد يواجهها الأطفال الذين يعانون من التوحد الزائف.
- توفير دعم تعليمي: قد يحتاج الأطفال الذين يعانون من التوحد الزائف إلى برامج تعليمية مخصصة لتلبية احتياجاتهم التعليمية.
- توفير دعم للأسرة: الأسرة تلعب دورًا حاسمًا في دعم الأطفال الذين يعانون من التوحد الزائف. يمكن توجيه الأسرة إلى الدعم النفسي وتعلم استراتيجيات التعامل مع الطفل.
- العلاج الدوائي: في بعض الحالات، قد يتم اقتراح العلاج الدوائي لمعالجة أعراض محددة مثل القلق أو الاكتئاب إذا كانت موجودة.
العلاج يعتمد على حالة كل طفل على حدة، ويتطلب تعاونًا وتنسيقًا بين متخصصين مختلفين لتقديم الدعم والعلاج اللازم للطفل وأسرته.