لون العيون عند الإنسان موضع نقاش وبحث منذ بداية دراسات الصفات الكمية عند البشر فكانت الصفة الأولى التي تم فيها تأسيس علم الوراثة المندالية. والتي وصفت بشكل مبسط وراثة لون العيون. الاّ أن هذا النموذج المبسط لم يكن كافي وكان لابد من إجراء العديد من الأبحاث الجديدة لفهم التعقيدات البيولوجية وراء هذه الصفة.
كيف يتم إنتاج لون العيون؟
ينتج لون عين الشخص عن كمية وجود صبغة تسمى “الميلانين” في الطبقات الأمامية للقزحية التي تحيط بالفتحة السوداء الصغيرة في وسط العين وتساعد في التحكم في مقدار الضوء الذي يدخل إلى العين. يتم تحديد لون العين عن طريق الإختلافات في جينات الشخص حيث تشارك معظم الجينات المرتبطة بلون العين في إنتاج أو نقل أو تخزين الميلانين.
يتراوح لون القزحية العين من اللون الأزرق الفاتح إلى البني الداكن. فالأشخاص ذوي العيون البنية لديهم كمية كبيرة من الميلانين في القزحية، بينما الأشخاص ذوي العيون الزرقاء لديهم كمية أقل من هذه الصبغة.
البني هو لون العين الأكثر شيوعا في جميع أنحاء العالم. بينما اللون الأزرق والأخضر، يكون أقل شيوعا وينحصر عند اشخاص من أصل أوروبي.
-
ما هي الجينات المسؤولة عن لون العيون ؟
هناك حوالي 16 جينًا مختلفًا مسؤولاً عن لون العين، إلا أنه تشير الدراسات إلى أن 74٪ من التباين في لون العين البشرية سببه وجود جينان قريبان من بعضهما هما OCA2 و HERC2 على الكروموسوم 15.
جين OCA2 يعطي بروتين يسمى بروتين P الذي يشارك في نضوج الميلانوزومات، وهي هياكل خلوية تنتج وتخزّن الميلانين. لذلك يلعب بروتين P دورًا مهمًا في كمية وجودة الميلانين الموجود في القزحية. يعني كلما قل البروتين P في القزحية سيؤدي إلى عيون زرقاء والعكس صحيح.
أما جين HERC2 يحتوي على منطقة تسمى intron 86 التي تعمل على تنشيط أو تثبيط جين OCA2 حيث تبين أن وجود طفرة في جين HERC2 يقلل من تعبير OCA2 مما يؤدي إلى تقليل الميلانين في قزحية العينين وبتالي يكون لدينا العيون الفاتحة.
-
ما هي الأمراض التي تؤثر على لون العيون ؟
المهق العيني أو البهق العيني وهو مرض وراثي خلقي يتميز بغياب الصباغ في العيون، نتيجة طفرة في جينات المشاركة في إنتاج وتخزين الميلانين ومنها جين OCA2 . حيث أنّ حدوث طفرة فيه يؤدي إلى عدم انتظام إنزيم تيروزيناز (تايروسيناز) في الخلايا الصباغية. وهو إنزيم يشارك في إنتاج الميلانين مما يسبب عيون فاتحة اللون للغاية ومشاكل كبيرة في الرؤية.
-
التنبؤ باللون العيون بالإعتماد على عينات DNA:
أجريت دراسة علمية على عينة من سكان سلوفينيا بهدف التنبؤ باللون العيون بالإعتماد على الحمض النووي DNA . حيث تم اجراء تحليل بناء على تقنية التنميط الجيني (SNP) وتم استخدام نموذج التنبؤ IrisPlex لاستنتاج احتمالات لون العين.
كانت النتائج تشير إلى أنه يمكن التنبؤ بألوان العين الزرقاء والبنية بشكل موثوق من عينات الحمض النووي. بينما لون العين الأخضر صعب التنبؤ. مما يشير إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من البحوث للتنبؤ جينيًا بالتنوع الكامل في لون العين عند البشر.
-
هل يؤثر جنس الفرد على لون العيون ؟
تم إجراء دراسة علمية حديثة على عدة أفراد من الجنسية الإسبانية بهدف معرفة مدى تأثير جنس الفرد في اختلاف لون العيون في بيئة سكانية محددة.
تم استخدام نموذج IrisPlex وبرنامج DIAT المخصص، وتمت مقارنة النتائج مع عينات السكان الدنماركية والسويدية والإيطالية.
وجدو أن الجين HERC2 يلعب دور الرئيسي للون العين البشرية بشكل مستقل عن الوراثة، وجدو أن الجنس مرتبط بشكل كبير بقياسات لون العين الكمية في العينة السكانية الإيطالية. ومن المثير للاهتمام، أننا لم نلاحظ نفس الارتباط في السكان الدانماركية والسويدية. هذا يدل على أن تأثير الجنس على لون العين مرتبط بالشريحة السكانية. اقرأ أيضا الوراثة وكيف تنتقل الصفات من الآباء إلى الأبناء؟
في النهاية نقول أنه حتى الآن، لا يزال علم الوراثة بلون قزحية العين غير مفهوم تمامًا وهو مهم ومعقد بسبب تورط عدة جينات. على الرغم من أن ألوان عين الطفل يمكن التنبؤ بها غالبًا عن طريق ألوان والديه والأقارب الآخرين. فإن التغيرات الجينية تؤدي أحيانًا إلى نتائج غير متوقعة.