الذكاء من أكثر الموضوعات التي يتم الحديث عنها في علم النفس، ولكن لا يوجد تعريف موحد. اقترح بعض الباحثين أن الذكاء هو قدرة عامة واحدة. نظريات أخرى للذكاء ترى أن الذكاء يشمل مجموعة من القدرات والمهارات والمواهب.
وإذا كان معدل ذكاء الطفل مشابهًا لمعدل ذكاء والديه. فهل هذا التشابه يرجع إلى عوامل وراثية تنتقل من الوالدين إلى الطفل أو إلى العوامل البيئية المشتركة أو مزيج من الإثنين؟ هذا ما سنعرفه من خلال مقالنا.
ما هو الذكاء وكيف يمكننا قياسه؟
بيولوجيا هو عمل الدماغ والقشرة المخية في الفص الجبهي ويرتبط أيضًا بحجم الدماغ. وهو بنية أساسية في علم النفس وعلم الوراثة السلوكي. معظم التعريفات تعرفه على أنه القدرة على التعلم من التجارب والتكيف مع البيئات المتغيرة، والقدرة على التفكير والتخطيط وحل المشكلات وفهم الأفكار المعقدة. ويمكن قياس الذكاء من خلال اختبارات مثل IQ والتي تختلف حسب العمر، وحسب الأجيال، وهو ليس مثاليًا، ولكنه أفضل اختبار لدينا الآن.
علم الوراثة والبيئة
لا تزال الدراسات الوراثية الجزيئية له جديدة تمامًا، حيث أجرى الباحثون العديد من الدراسات للبحث عن الجينات التي تؤثر عليه من خلال دراسة مناطق الإختلاف والتشابه على مستوى الجينوم الكامل للعديد من الأشخاص لتحديد الجينات المرتبطة به.
إذ لم تحدد هذه الدراسات بشكل قاطع أي جينات لها أدوار رئيسية في الاختلافات في الذكاء بين البشر الاّ أنها قالت أنّ وجود جين APOE، عند الأشخاص يميلون إلى أن يكون لديهم قدرة معرفية أقل في الشيخوخة. ويميلون إلى الإنخفاض في الإدراك طوال حياتهم، مقارنة مع عدم وجود هذا الجين عند أشخاص آخرين.
فيما يتعلق بالبيئة، تتأثر البيئة أيضًا بقوة به إذ تساهم العوامل المتعلقة بالبيئات المختلفة في ذكائه. مثال إذا كانت الأم لا تأكل بشكل صحيح والتغذية سيئة أثناء الحمل، فلن يتطور دماغ الطفل إلى كامل إمكاناته، وأيضا الأطفال الذين ينمون في بيئة أكثر تحفيزًا سيكو لديهم معدله أعلى.
لكن علم الوراثة يمكن أن يفسر بشكل واسع لمعدل الذكاء المحتمل لأن العديد من الجينات المختلفة تشارك في تطوير وتشغيل الدماغ. دعونا نفكر من الممكن أن ترث جميع الجينات المرتبطة بمعدل مرتفع من أحد والديك ولا ترث الجينات المتعلقة بمعدل منخفض منه هنا ستكون أكثر ذكاء من والديك، والعكس صحيح من الممكن أن يكون معدل ذكاءك منخفض عن والديك.
ماهي نسبة تأثير الوراثة والبيئة على الذكاء؟
يعتقد معظم العلماء أن نصفه لدينا وراثي ونصفه الاخر بيئي من خلال دراستهم التوائم .حيث ركزت العديد من الدراسات على أوجه التشابه والإختلاف في معدل الذكاء ضمن العائلات، وخاصة عند الأطفال التوائم وكانت النتائج أن الإختلافات فيه قابلة للتوريث بدرجة كبيرة.
استخدم العلماء التوائم لمعرفة دور الوراثة والبيئة:
التوائم المتطابقة لها نفس الحمض النووي بينما التوائم الغير متطابقة تتشارك فقط في الحمض النووي مثل أي شقيقين. لذا يمكنك معرفة الكثير فقط بمقارنة كل التوائم. توائم متطابقة تمت تربيتهما معًا، كانت نسبة تشابه في معدل الذكاء %86. أما توأمان غير متطابقين – تم تربيتهما معًا، كانت النسبة %55. هذا يعني إذا كان توأمان متطابقان يكون معدل الذكاء متقارب جدا بالمقارنة مع توأمان غير متطابق، هذا دليل على دور الجينات في معدل الذكاء.
وهذا يؤكده مثال عائلة كوري التي توضح تأثير الجينات على الذكاء حيث كان ماري وبييركوري زوجين عالميين وحائزين على جائزة نوبل وكانت ابنتهما إيرين جوليو كوري حائزة أيضًا على جائزة نوبل وهذا يرجع إلى الجينات وهذا مثال مثالي للآباء الأذكياء الذين لديهم أطفال أذكياء. بما أن التوائم المتطابقة، يكون لديهم نفس الجينات.
فقد أجري دراسة على التوائم الذين تربوا معا والتوائم الذين لم يتربوا معا لمعرفة دور البيئة في معدل الذكاء وكانت النتائج على الشكل التالي:
- توائم متطابقة تمت تربيتهما معًا، كانت نسبة تشابه في المعدل %86.
- توائم متطابقة تربى بشكل منفصل، كانت نسبة تشابه في المعدل %76.
- توأمان غير متطابق تم تربيتهما معًا، كانت نسبة تشابه في المعدل %55.
- توأمان غير متطابق منفصلان، كانت نسبة تشابه في المعدل %35.
لكن تبيّن النتائج أن المعدل اختلف عند التوائم في حال اختلاف البيئة هذا يفسر أنّ الوراثة ليست المعيار الوحيد على المعدل بشكل عام وإنما البيئة لعبت دورا أيضا.
نفس التجربة أجريت على أطفال أشقاء وغير أشقاء تم تربيتهم في نفس البيئة بهدف معرفة تأثير البيئة على معدل الذكاء فكانت النتائج مايلي :
- أطفال أشقاء بيولوجيا تمت تربيتهم معًا، كانت نسبة تشابه في المعدل %47.
- أطفال غير اشقاء تمت تربيتهم معًا، كانت نسبة تشابه في المعدل %30. هذا يعني البيئة وحدها ليست معيارا كامل للمعدل فالجينات مهمة أيضا.
ولكن ومن خلال إجراء الكثير من الدراسات مثل هذه توصل العلماء إلى استنتاج مفاده أن حوالي نصف معدل الذكاء الخاص بك يأتي من جيناتك والنصف الآخر من بيئتك وهو ما يفسر صعوبة التنبؤ بالذكاء.
في نهاية المقال ما نود أن نقوله أنه سمة معقدة ويشكل تحديًا عند الدراسات، لأن حاصل الذكاء واسع جدًا ولا يمكن التنبؤ به لأن العديد من الجينات المختلفة تشارك في معدله ولأن البيئة تلعب دورًا مهمًا أيضًا، فمن المؤكد أن المعدل يأتي من مزيج من الجينات والبيئة.