التوحد هو اضطراب في النمو العصبي يؤثر على الدماغ ويجعل التواصل والتعامل مع الآخرين أكثر صعوبة، يظهر عادةً في مرحلة الطفولة المبكرة، ويعتبر من الأمراض غير معروفة الأسباب. ولكن يعتقد أن الوراثة والإختلافات في تشريح الدماغ والمواد السامة هي إحدى الأسباب التي تؤدي إلى تطور المشكلة، يتسم بمجموعة من الأعراض، مثل:
- صعوبة التواصل اللفظي وغير اللفظي
- صعوبة بناء العلاقات الاجتماعية
- اهتمامات وسلوكيات محدودة ومتكررة
- فرط النشاط أو الخمول
أما المطاعيم هي منتجات طبية تستخدم لتقوية جهاز المناعة ضد واحد أو عدة أمراض. وتحتوي المطاعيم على مواد حية مبطلة المفعول أو ميتة من مسببات الأمراض بحيث لم تعد مضرة على الجسم، ولكنها قادره في نفس الوقت على تحفيز جهاز المناعة وجعله يصنع أجسام مضادة لها مما يعطي الجسم مناعة من الميكروب فإذا تعرض لميكروب حقيقي يكون جاهزا له.
هل المطاعيم تسبب مرض التوحد؟
وهنا نستعرض بعض الدراسات العلمية التي تنفي علاقة التطعيم بالتوحد:
1. وفقا لمنظمة الصحة العالمية في تقرير تم نشره سنة 2003، بعد اجتماع اللجنة الاستشارية المعنية بسلامة اللقاحات (GACVS) سنة 2002 بشأن هذا الزعم، فإنه لا توجد علاقة سببية بين التطعيمات والتوحد أو اضطرابات التوحد.
2. ووفقا لدراسة نشرت سنة 2013 من طرف مركز معالجة الأمراض والوقاية منها (CDC) في الولايات المتحدة فإن المطاعيم لا تسبب التوحد.
3. في دراسة نشرت على موقع NIH سنة 2017 للدكتور مايكل ديفيدسون، وقد تناولت هذه الدراسة الخرافات والخلافات المحيطة بالتطعيم ومرض التوحد. حيث يجادل الدكتور بأن هذه الخرافات نشأت من عدة عوامل، بما في ذلك:
- الحاجة إلى تفسير سبب مرض التوحد، وهي حالة عصبية لا تزال أسبابها غير واضحة.
- التحيز المعرفي، الذي يجعل الناس أكثر عرضة للإيمان بتفسيرات بسيطة ومباشرة للأحداث المعقدة.
- استخدام وسائل الإعلام للمعلومات المضللة.
- المصالح السياسية والمالية.
كما تقدم الدراسة أدلة علمية تدعم سلامة المطاعيم، بما في ذلك:
- عدم وجود دليل على وجود علاقة سببية بين لقاح MMR ومرض التوحد.
- انخفاض معدلات التوحد في البلدان التي لا يتم فيها استخدام لقاح MMR.
- إزالة الثيميروسال من لقاح MMR دون أي تغيير في معدلات التوحد.
كما توصي الآباء والأمهات بأن يكونوا على دراية بالأدلة العلمية حول سلامة التطعيمات وأن يتخذوا قرارات مستنيرة بشأن تطعيم أطفالهم.
مصدر المغالطة بأن “التطعيم يؤدي إلى التوحد”
أثيرت هذه العلاقة في عام 1998 من قبل عالم الأنمياء البريطاني أندرو ويكفيك، الذي نشر مقالًا في مجلة “Lancet” الطبية ادعى فيه أن هناك علاقة بين تناول تطعيم الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) والإصابة بمرض التوحد. وقد تحدث المقال عن ثمانية أطفال تطورت لديهم حالة التوحد ومشاكل معوية بعد فترة قصيرة من تلقيهم التطعيمات.
وقد تم دحض هذا الادعاء من قبل العديد من الدراسات العلمية، التي لم تجد أي دليل على وجود علاقة بين تناول المطاعيم والإصابة بمرض التوحد. حيث أجرى الباحثون سلسلة من الدراسات التي قورن فيها آلاف الأطفال الذين تلقوا المطاعيم وآلاف من الأطفال الذين لم يتلقوا المطاعيم. ووجد الباحثون أن خطر التوحد هو نفسه في كلتي الحالتين وأن التطعيمات لم تسبب التوحد.
وقد تم سحب مقال ويكفيك من مجلة “Lancet” في عام 2010 بعد أن تم اكتشاف العديد من الأخطاء المنهجية في البحث، ليتم بعدها مباشرة وفي العام نفسه بسحب ترخيص ويكفيك لممارسة الطب في المملكة المتحدة.
ورغم ذلك، فإن هذه العلاقة ما زالت تثير جدلًا كبيرًا، خاصة بين بعض الآباء الذين يرفضون تطعيم أطفالهم بسبب مخاوفهم من الإصابة بمرض التوحد، لتنخفض معدلات التطعيم لاسيما في المملكة المتحدة لتتوسع الدائرة في الولايات المتحدة. مما ساهم في تفشي مرض الحصبة والنكاف التي أدت الى حدوث وفيات.
كذلك معارضو التطعيمات في العالم مازالوا يستندون على هذه الدراسة رغم بطلانها، في دعم مزاعمهم بشأن وجود “مؤامرة” يقودها مصنعو المطاعيم الذين لا يريدون للناس معرفة الحقيقة حسب مزاعمهم.
مكونات المطاعيم لا تسبب التوحد
مكونات المطاعيم لا تسبب مرض التوحد، أحد هذه المكونات تمت دراستها على وجه التحديد وهو “الثيومرسال” وهو مادة حافظة يقوم أساسها على الزئبق تستخدم لحفظ المطاعيم من التلوث. وتشير الأبحاث التي أجراها مركز السيطرة على الأمراض والوقاية إلى أنه لاتوجد صلة بين المطاعيم المحتويه على الثيومرسال والتوحد.
كما أنه بين عامي 1999 و 2001 تمت إزالة أو تخفيض كمية الثيومرسال في جميع مطاعيم الأطفال بإستثناء مطاعيم الإنفلونزا. وقد تم ذلك كمجهود وطني للحد من التعرض للزئبق لدى الأطفال. وذلك قبل إجراء دراسات تؤكد أن الثيومرسال ليس ضارا.
حاليا مطاعيم الأطفال الوحيدة التي تحتوي على الثيومرسال هي مطاعيم الإنفلونزا المعبأة في قوارير متعددة الجرعات. كما تتوفر بدائل خالية من الثيومرسال في مطاعيم الأنفلونزا. خلاصة الامر انتبهي عزيزتي الأم أنه لا يوجد أي دليل يثبت وجود صلة لأي مطعوم أو مادة أو مستحضر يتعلق بمطاعيم الأطفال الإجبارية ومرض التوحد.
خاتمة
على الرغم من وجود بعض الدراسات التي تشير إلى وجود علاقة بين التوحد والمطاعيم، إلا أن الغالبية العظمى من الدراسات لا تدعم هذه العلاقة.
ويعتقد معظم العلماء أن التوحد ناتج عن مجموعة من العوامل، بما في ذلك العوامل الوراثية والبيئية. وتوصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بتطعيم جميع الأطفال وفقًا لجدول التطعيم الموصى به.
نعيش في عالم مزدحم كثيرا والمرض ينتقل فيه بسرعة، بقاء طفلك بلا مطعوم كبقاء المحارب بلا درع. لذا عليك أن تلتزم بجدول مطاعيم طفلك دون قلق من المضاعفات المتعلقه بالمرض.