الثرثرة عند الأطفال من مراحل الكلام والنمو الطبيعي عندهم. فالطفل بعمر السنتين ينتج على الأقل من ٥٠ إلى ١٠٠ كلمة وينتج جملة من كلمتين. فإذا كنت تعتقد أن طفلك قد يكون متأخراً في الكلام فليس من السابق لأوانه طلب المساعدة. فنحن وأنت نعلم أنه كلما بدأنا مبكراً في مساعدة الطفل كانت النتائج أفضل.
كثيراً ما يشكو الآباء من أطفالهم ومن طريقة كلامهم. وأنهم يرطنون أو يثرثرون كثيراً، بتعبير آخر يتكلمون بلغات غريبة منهم من يصفهم “ابني يتكلم سنسكريتي” “ابني يتكلم كوري أو هندي” كدلالة على أنه لا يفهم من كلامه شيء، سؤالهم المتكرر كيف أتخلص من هذا الجزء المبهم؟ كتفسير علمي تسمى “الرطانة” أو ” الثرثرة” فالطفل يقدم سلسلة من الرطانة وفي نهاية الرطن هناك كلمة واحدة مفهومة في آخر الكلام.
لن نستبعد الرطانة لأن الرطانة جزء طبيعي من تطور الكلام، وتتضمن الرطانة جزء من الكلمات الحقيقية. والأطفال الذين لا يعانون من مشاكل في اللغة والكلام يفعلون ذلك طوال الوقت، وهي دلالة لانتقالهم لإنتاج جملة من كلمتين لثلاث كلمات.
ما هي الرطانة أو الثرثرة عند الأطفال؟
الثرثرة أو الرطانة عند الطفل هي حالة يتكرر فيها الطفل تكرارًا غير مقصود للحروف أو الكلمات أو الجمل أثناء الكلام، وقد تصاحب ذلك بانقطاعات في النطق أو التكرار المفرط للصوت الأول من الكلمة. هذه الحالة تعتبر طبيعية في سنوات الطفولة المبكرة (من 2 إلى 5 سنوات)، حيث يكون الأطفال في مرحلة تطور اللغة والنطق.
بتفصيل أكثر، الترتيب الطبيعي للإنتاج الكلامي هو أن يستخدم الطفل الرطانة أثناء انتقالهم من إنتاج الكلمات المفردة إلى جملة من كلمتين لثلاث كلمات. وبالتدريج سيتخلص الطفل من هذه الرطانة عندما يكتسب القدرة على إنتاج جملة من كلمتين لثلاث كلمات. ويكون عادة ذلك بعمر السنتين لأن الطفل بعمر السنتين يكون قادرا على إنتاج جملة من كلمتين.
علينا الاستمرار في تدريب الطفل على كلمات مفردة ومن ثم جملة من كلمتين لثلاث كلمات. مع ضرورة التنويه أنه لا يوجد إطار زمني لتحديد تطور الطفل أثناء التدريب أو العلاج. لأن كل طفل مختلف فبعضهم يستغرق وقت أطول والبعض وقت أقصر حسب قدراتهم. لكن إذا استمر الموضوع فترة طويلة وبدأ يؤثر على الطفل ومفهومية كلامه وبدأت تعليقات الآخرين تزداد حول ما يقوله الطفل يفضل استشارة أخصائي نطق لديه خبرة عملية جيدة.
نصائح للتعامل مع الرطانة أو الثرثرة عند الأطفال لحين مراجعة أخصائي النطق
1. تشجيع التواصل الإيجابي
قد يكون الثرثرة وسيلة للطفل للتعبير عن نفسه أو جذب الانتباه. حاول تشجيع الطفل على التواصل بطرق إيجابية وصحيحة، وقم بمكافأته عندما يستخدم كلامه بشكل جيد.
2. تقديم الأمثلة الصحيحة
استخدم أمثلة ونماذج صحيحة للنطق والكلام. تكلم بوضوح وببطء وأشرح للطفل كيفية نطق الكلمات بشكل صحيح.
3. الاستماع الفعّال
استمع بعناية إلى ما يقوله الطفل وحاول فهم ما يحاول التعبير عنه. قد يكون هناك أسباب وراء الثرثرة مثل التوتر أو القلق.
4. تحفيز اللعبة والمرح
استخدم الألعاب والأنشطة التعليمية لتحفيز الطفل على التواصل والنطق. الألعاب المختلفة يمكن أن تكون فعالة في تحسين مهارات الكلام.
5. تشجيع التواصل مع الأقران
دعم تفاعل الطفل مع أقرانه. قد تكون اللعب والتفاعل مع الأطفال الآخرين فرصة لزيادة الثقة بالنفس وتطوير مهارات الكلام.
6. الصبر وعدم الضغط
تجنب محاولة إجبار الطفل على الكلام أو ممارسة ضغوط غير ضرورية. الصبر والتفهم أمور مهمة في هذه الحالة.
7. الاستشارة المبكرة
إذا استمرت مشكلة الثرثرة وتفاقمت، فلا تتردد في طلب استشارة أخصائي النطق. قد يكون الاكتشاف المبكر والعلاج السليم مفيدًا جدًا.
8. الحفاظ على بيئة داعمة
يجب أن تكون البيئة المحيطة بالطفل داعمة ومشجعة. اعتن بتوفير الراحة والأمان للطفل حتى يشعر بالاستقرار.
9. العمل مع المدرسة
إذا كان الطفل يذهب إلى المدرسة، فتواصل مع المعلمين للتعاون في تحسين مهارات الكلام واللغة في البيئة المدرسية أيضًا. قد تساعد مراقبة تطور الثرثرة من خلال الحفاظ على سجل يساعدك واخصائي النطق على تقدير التقدم وضبط العلاج.
10. اترك الطفل يرطن أو يثرثر ثم قلد كلمة واحدة بوضوح فهمتها وقالها الطفل
هذه الطريقة لمساعدة الطفل ليتعلم إنتاج الكلمة لوحده ليكون لديه وعي ذاتي أي أن يقولها أو ينتجها لوحده بطريقة صحيحة.
مثال: لو سألت الطفل ماذا أكلت على الغداء اليوم؟
سيجيب الطفل: بلبلبلبلبلبلبلبلبلبللبلبلبيتزا
أقول له: بيتزا
سيعيد الطفل: بلبلبلبلبلبلبلبلبيتزا
أعيد مرة أخرى: بيتزا
ثم سيجيب الطفل بطريقة صحيحة بدون الرطن: بيتزا
مع كثرة التكرار والاستمرار بالتدريب سيصل الطفل لمرحلة الكلام بدون رطن. الهدف من هذه الطريقة محاولة جعل الطفل تقليد انتاجه لتلك الكلمة المفردة ومحاولة مساعدته على سماع هذا الجزء. وكذلك التعرف عليه ككلمة كاملة، وإدراك قوله بمفرده أي إدراك إنتاج الكلمة بوعي ذاتي لوحده، وليس فقط تكرار من ورائنا.
بتحليل أعمق، الطفل لديه كلمات لا يعرف كيف يقولها بمفرده لأنه يحاول التحدث مثل أي شخص آخر ينتج جملة. لذلك يستخدم هذا الأسلوب من الرطن ونحن نوجهه ليقول كلمة واحدة بدون رطن، الطفل لا يحبط من رطانته وثرثرته إلا إذا أظهرنا له ذلك، هو بالنسبة له شيء جيد.
11. وفر للطفل فرصة كبيرة للتعبير عن الرطانة
هل سبق ورأيت طفلا يبلغ من العمر 1-2 عاما يجلس مع قصته أو كتابه ويقرأ بصوت عال لنفسه؟ عادة ما تكون هذه الرطانة هي سيدة الموقف في هذا العمر وتكون مع بعض كلمات واضحة ومفهومة.
أي علينا أن نعطيه فرصة بأن يقرأ لنا من كتاب، أو يخبرنا قصة بكل شيء حصل معه في موقف معين أو يغني أغنية. بذلك أنت تشجعه على الرطانة في وقت محدد وهذه طريقته بالكلام. تماما مثلما جعلته يرتدي زي رجل الإطفاء ويتظاهر بإخماد الحريق. لذلك يمكنك أيضا جعله يرتدي ملابس مثل المتحدث ويتظاهر بالتحدث.
مع كل ماسبق ذكره وجب التنويه إلى أن مهارة تقليد الطفل لكلمة أنتجتها أنا أو قلتها أمامه وأعادها ورائي مختلفة تماما عن كلمات ينتجها الطفل لوحده فهما مهارتان مختلفتان. عملية تقليد الطفل لكلمة أو جملة من كلمتين شيء جيد لكن من الضروري أن تتطور مهاراته اللغوية ومفرداته اللغوية. الثرثرة عند الأطفال شيء طبيعي لكن من المفترض انخفاضها مع تطور لغة الطفل، لأن الطفل يستخدمها ليعبر عن قدرته على التواصل اللغوي مع من حوله.
على سبيل المثال: إذا كان الطفل يشير إلى لعبة السيارة وبدأ بالرطانة مباشرة، علينا تقديم نموذج للكلام: ” بدك السيارة الي على الرف”.
قد يعيد الطفل ويقلد مباشرة “السيارة” وقد يقلد بعد عدة مرات من التكرار وبعدها يصل لمرحلة يستخدمها مباشرة لوحده. لكن إن شعرت أن الطفل خلال أشهر قليلة (لا تتجاوز الثلاث أشهر) لم يطرأ عليه تحسن فمن الأفضل مراجعة أخصائي نطق.
برأيي الشخصي وخبرتي العملية والعلمية الرطانة والثرثرة عند الأطفال علامة جيدة لتطور الطفل. فهي تعني أن الطفل يحاول دفع كلامه وتعبيره إلى مستوى جملة من كلمتين أو ثلاث كلمات. وكذلك يحاول التحدث بكلمات وجمل أطول لكن لا يمتلك القدرات المناسبة إن استمرت بعد السنتين. قد لا يكون يمتلك قدرات معرفية أو لغوية أو صوتية أو عضوية للقيام بذلك فتكون الرطانة أو الثرثرة أو البربرة.