العلاج النسوي هو نوع من العلاج التطبيقي، يعتمد على الفلسفة السياسيّة والتحليل النسائي. وهو ما يقود كلا من المعالج والعميل نحو الاستراتيجيات والحلول التي تعزز ممارسة المقاومة والتغيير الاجتماعي في الحياة الشخصية اليومية. وفي العلاقات مع البيئة الاجتماعية والعاطفية والسياسية.
لذلك يتطلب العلاج النسوي وعياً مستمراً بأن “الجلسة العلاجية” بين المعالج والعميل تحدث في إطار غير منفصل عن الإطار الاجتماعي والسياسي. وبالتالي من الممكن أن تُفكك المعاني التي قد تبدو لنا فرديّة إلى معاني أوسع وأشمل.
لكن في الوقت نفسه، يتطلب العلاج النسوي أن تعامل كل تجربة حياتية كمصدر قيّم وفريد وموثوق وخبير في معرفته فيما يتعلق بكل من الفرد والمجتمع ككل نظرًا لأنه يعطي وزنًا للمواقف الفردية بينما لا يزال يهتم بالمعاني التي تنشأ من سياقات اجتماعية أكبر. اقرأ أيضا العلاج الكلامي لبعض الأمراض النفسية دون تدخلات دوائية
المكونات الأساسية لممارسة العلاج النسوي
1. السياق الشخصي والسياسي
يتم التفكير في قضايا الشخص في إطار السياق الثقافي أو السياسي أو الاجتماعي للشخص نفسه.
2. الالتزام بالتغيير الاجتماعي
الهدف من العلاج ليس فقط مساعدة الفرد ولكن أيضًا لإحداث تأثير إيجابي على المجتمع.
3. قيمة الإتجاهات الفكرية في العلاج النسوي
تقدير كافة الاتجاهات الفكرية، والابتعاد عن تصنيف المتعالجين وفق منظورهم الفكري.
4. علاقة المساواة في العلاج النسوي
تتميّز العلاقة ما بين المعالج والعميل بمحاولة تقليل سلطة المعالج قدر الإمكان بكونه الخبير الوحيد في غرفة العلاج، وإهمال قدرة العميل على أنه الخبير في تجاربه الشخصيّة أيضا.
5. التركيز على نقاط قوة العميل
قد يتجنب المعالج التصنيفات التشخيصية، ويعيد تحديد مشاكل الصحة النفسية والعقلية. كذلك يسلط الضوء على نقاط قوة الشخص في العلاج.
6. التركيز على التجارب التي ساهمت في تهميش واضطهاد العميل
عند فصل الظروف الخارجيّة عن الظروف الداخليّة لإتاحة وعي العميل للظلم والتهميش الذي عانى منه وما هي الأسباب التي تسببت في حدوثها.
الأساليب المستخدمة في العلاج النسوي
1. الإفصاح عن الذات
قد يشارك المعالج تجاربه الخاصة، عند الحاجة في محاولة لتطبيع وتوازن وتحرير تجارب ومشاعر العميل في العلاج.
2. تحليل علاقات وثنائيات القوة
غالبًا ما يفحص المعالَجون والمعالِجون الطرق المختلفة التي أثرت فيها القوة غير المتساوية على تطور الفرد، مثلا ما هو التفاوت في السلطة بين الآباء والأبناء وكيف بإمكان العميل أن يتحدى حالة عدم المساواة.
3. إعادة التأطير
يمكن للمعالجين المساعدة في تغيير وجهات نظر أولئك الذين يتلقون العلاج عن طريق تحديد العوامل الاجتماعية التي قد تؤثر على مشاكل الصحة العقلية بعيدا عن لوم النفس ووصمة العار للشخص.
وإعادة صياغتها بطرق تحث على المقاومة كشكل من أشكال قول الحقيقة حول ما حدث بالفعل وقول الحقيقة حول ما هو ممكن ومتاح لكل شخص كوسيلة للتغيير.
4. التفاعل الاجتماعي
قد يشجع المعالجون الأشخاص في العلاج على الانخراط في النشاطات الاجتماعية كوسيلة لتحقيق الذات على المستوى الفرديّ والمجتمعيّ.
لكن ما الذي يميّز العلاج النسوي عن التوجهات العلاجية السائدة؟
يبدأ العميل عادة العلاج ويتهم نفسه “بالفشل” وأن تصرفاته سيئة التكيّف. ولوم نفسه على الأعراض التي أصابته (وهذا اللوم يأتي من الفرد نفسه نظرًا لوصمة العار من المجتمع).
على سبيل المثال، الشخص الذي لا يستطيع النوم أو الأكل، يبكي بشكل متكرر، ويشعر بالذنب، وينتقد نفسه كثيرا، ويفتقر إلى الطاقة والتحفيز. معظم المعالجين من أيّ اتجاه قد يعتبرون أنه مشخص بالاكتئاب.
ونظرًا لأن النماذج السائدة الحالية تميل بشدة إلى التفسيرات البيولوجية والعلاج القائم على الدواء. لذلك سيفهم هذا الشخص أنه ليس أكثر من متلقي سلبي للأدوية. فقد لا يطلب منه أبدًا أن يفحص كيف أن حياته وتجاربه كانت عاملاً في حزنه وخموله. وكيف يمكن للتكوين المجتمعي أن يكون سبب معاناته، كيف سيطر المجتمع على اقناع العميل برسائل معينة أصبحت جزءا من ذاته.
نستطيع ملاحظة اختلاف العلاج النسوي عن توجهات علاجية سائدة، فهو بتعريفه أوسع من وصف تقنيّة علاجيّة. كونه فرصة لمساعدة المتعالجين والمعالجين على فهم العلاقة ما بين تصرفاتهن وما بين الواقع الاجتماعي. وكذلك ليس مجرد فن الشفاء، على الرغم من أنه من المرجح أن يحدث الشفاء.
ولكن يجب أن يكون العلاج أيضًا فعلًا واعيًا ومتعمدًا للتغيير الاجتماعي، موجهًا إلى تلك الترتيبات الاجتماعية التي تتأرجح فيها الاختلالات القمعية للسلطة والمجتمع.