التعاطف مع الذات التسامح مع النفس والتعاطف معها من الأمور المهمة. لكن هل تعامل نفسك جيدا؟ هل أنت في الغالب متعاون ومتعاطف ومتسامح وداعم؟ أم أنك غالبًا ما تكون ناقدًا أو متطلبًا أو لا ترحم نفسك بل وتلوم نفسك بشكل مستمر؟
مقالات ذات صلة:
العلاج النفسي عن طريق الكتابة لتحسين وتعزيز الصحة النفسية!
معظم الناس يعاملون أنفسهم بشكل سلبي، ولا عجب أن استجابتنا للمواقف السلبية تكون أقوى. حتى أن الدماغ يميل لتذكر الذكريات السلبية أكثر من الذكريات الإيجابية. وفي الحقيقة أن يكون الشخص سلبيا أسهل بكثير من أن يفكر بإيجابية أو حتى أن يتصرف بإيجابية.
ببحث بسيط أو ملاحظة بسيطة للناس من حولنا يمكننا الجزم بذلك. فمثلا إذا كان الشخص غير مسرور بشكل جسمه فإنه يقوم دائما بلوم نفسه وتوبيخها. لكنه لو قام ببحث الخيارات التي تمكنه من تغيير هذه الصورة وقام أيضا بفهم نفسه ومشاعره فإنه سيتوصل بالنهاية إلى تغيير إيجابي في صحته النفسية التعاطف مع الذات والتسامح مع النفس والتي ستنعكس إيجابا على صحته الجسدية. فمن الممكن أن يبدأ بأداء التمارين الرياضة وعمل حمية غذائية.
خلال التسامح مع نفسك لا يجب أن يكون تقييم الذات تقييما محبطا. يمكن أن يكون صادقًا ولكن يجب علينا مراعاة الصحة النفسية عندما نقيم أنفسنا.
قد يرفض بعض الناس هذه الطريقة، معتقدين أن الصدق المطلق هو أفضل وسيلة لتشجيع أنفسهم على التغيير. لسوء الحظ، أدى تبني هذه الفلسفة إلى إصابة بعض الأشخاص بالاكتئاب والقلق وتدني احترام الذات والعديد من المشكلات الأخرى.
فكر كالتالي: ماذا لو أن فردا عزيزا عليك جاءك وهو متوتر وقلق يطلب المساعدة والنصح منك؟ هل سيكون أسلوبك لطيفا، فتقدم له المساعدة والنصيحة بأسلوب لطيف ومنمق ولا يجرح مشاعره أم أنك ستقوم بلومه وتوبيخه واستذكار كل المواقف السلبية التي عاشها بسبب قراراته الخاطئة؟
من المرجح أنك ستجيبني بأنك ستفضل استخدام العبارات اللطيفة وعبارات الدعم النفسي مع هذا الشخص العزيز عليك. دعني أسألك هنا سؤالا: هل يوجد شخص أعز عليك من نفسك؟ هل يوجد شخص يستحق أن تعامله بشكل لطيف أكثر من نفسك؟ أعتقد أن إجابة أي شخص سليم عقليا ستكون لا، لا يوجد شخص أعز لي من نفسي! فلماذا إذا يكون ترجيحك الأول هو استخدام أسلوب النقد اللاذع وتقريع الذات مع نفسك؟!.
كيفية الحصول على التسامح مع النفس:
عرّف الباحث نيف في ورقة بحثية بعنوان الذات والهوية (2003) التعاطف مع الذات على أنه:
- “الانفتاح على معاناة المرء والتأثر بها”.
- “تجربة مشاعر الاهتمام والعطف تجاه الذات”.
- “اتخاذ موقف متفهم وغير ناقد تجاه أوجه القصور والفشل”.
- “الاعتراف بأن تجربة الفرد هي جزء من التجربة الإنسانية المشتركة”
أحد العناصر المهمة في التعاطف مع الذات هو الاعتراف بأن لا أحد يعيش “حياة ساحرة وكاملة” . خالية من الصعوبات والمواقف المجهدة. الهدف الأساسي من التعاطف مع الذات هو اكتساب المزيد من قبول الذات واللطف تجاه الذات.
من الواضح أن التعاطف مع الذات مفيد في تعزيز الصحة النفسية. فنجد أن المتعاطفين مع ذواتهم أقل عرضة للاكتئاب، وتعزز لديهم مسامحة الذات، وتحفزت عندهم المشاعر الإيجابية الأخرى، وتساعد في اكتساب الوعي بالمشاعر السلبية الذي سيؤدي إلى تشجيع السلوكيات الصحية.
لكن – وللأمانة العلمية- هناك من يعتقد أن الإفراط في التسامح مع النفس والتعاطف مع الذات قد يجعل المرء ضعيفًا وغير مجهز لتلبية متطلبات المجتمع التنافسية. بمعنى آخر ، قبول “أقل من كل ما يمكنك أن تكونه” ليس خيارًا جيدا. هذه الحجة صالحة للكثيرين ، لأن مثل هذا الاعتقاد قد يعزز الدافع حيث يدفع الناس أنفسهم لتحقيق فوائد وتنمية مهارات لم يظنوا أبدًا أنهم يستطيعون تنميتها.
إن مصطلح التعاطف مع الذات هلامي قليلا ويعتمد على كيفية تفسير الفرد لسلوكه وردات أفعاله. فالتعاطف مع الذات يقع في منطقة بين تقييم الشخص لنفسه وبين ما يمكن أن يقوم الشخص به بشكل أفضل.
حيث يقيّم الشخص جهوده ويتعاطف مع ذاته بشكل أكبر لما قد يعتبره أفضل ما يمكنه فعله. إن التعاطف مع الذات لا يزيل النكسات أو الإخفاقات أو خيبة الأمل، ولكنه أيضًا لا يولد الشعور بالذنب أو شعور التقليل من الذات.
فمن خلال الاستجابة بطريقة لطيفة وفهم أعمق لأنفسنا، قد نكتسب الدافع والقوة والثقة لتحقيق ما اعتقدنا أنه بعيد المنال. نصبح مشجعين لأنفسنا، ونحفز أنفسنا على عدم تجنب التحديات والإقدام عليها.
الجميل في الأمر أن هذا الدعم متوفر من داخل الذات (الصوت الداخلي) دائمًا بل وقد تزداد أهميته عندما تكون بيئة الشخص غير داعمة. إن تطوير وتنمية هذا النوع من الدعم الداخلي في شكل التعاطف مع الذات يعزز المرونة ويحسن من الصحة النفسية.