الشخصية الانفعالية في مجال علم النفس الكلاسيكي تعرف على أنها شخصية غير مستقرّة في التنظيم الإدراكي والمعرفي. ولديها أنماط تفكير عاطفية وغير عقلانية بالدرجة الأولى.
مقالات ذات صلة:
استخدام العنف عند الغضب “اضطراب الشخصية الانفجاري“
غالبا يقوم الأصدقاء والأهل والاخصائيين النفسيين بتقديم آليات مساعدة من شأنها أن تقلل من الانفعالات وردود الفعل العاطفية مثل إجراء تغييرات على نمط حياتنا. ويكون هذا للتقليل من تكرار وشدة عواطفنا وبالتالي تنظيمها وإخراجها بالصورة المناسبة مثل تنظيم ساعات النوم وطرق للتنفس الصحيح.
أسباب تطور شخصية الفرد إلى الشخصية الانفعالية:
المناخ السائد في مجتمعاتنا العربية:
ردود الفعل العدوانية والانفعالات المتوترة هي نتاج لواقع عاشه المضطرب. واقع يطغى عليه الخوف من المستقبل وفقدان الأمل واللاجدوى واختلال العدالة والكسب السريع والاستهلاكية العالية بدلا من تقدم قيم الصبر والعلم والتربية والكفاءة والمهنية.
لكن هذا الواقع بلا شك سيجعل من مكانة الفرد الاجتماعية أمرا هامشيا وسيؤدي لتفاقم الإحساس بالظلم والحرمان والرغبة في تبديل هذا الواقع وتفاقم مشكلة اضطراب الشخصية الانفعالية.
لكن تصطدم الرغبة في التغيير بواقع العجز وصعوبة التأثير والتغيير. فينعكس السلوك الانفعالي في العلاقات الاجتماعية، ليبدو سلوكهم الانفعالي شكلا من أشكال التعويض النفسي.
نظام التعليم التقليدي:
إن العملية التربوية في المدارس هي ركيزة التنشئة الاجتماعية. وفي ذات الوقت هي من تشكل ذواتنا وتعيد إنتاج البنى الثقافية والاجتماعية. وفي أحيان كثيرة ترتكز على إنتاج علاقات السيطرة ما بين المعلم والطالب.
يطغى على واقع غالبية المدارس في شعوبنا العربية حصر لمساحات الحوار العقلاني. إن سيطرة التعليم التقليدي يساهم في بناء شخصية قليلا ما تتأمل بالأشياء ومتسرعة في إطلاق احكام وفق معايير معينة وبدون مهارات تحليلية وتفكيكية بغرض الوصول إلى ترابط منطقي.
لكن وفقا للمعلم البرازيلي والمؤسس للتربية النقدية باولو فريري في كتاب تعلم المقهورين عن نمط التعليم البنكي الذي ينطوي على إيداع المعلومة أي ايصالها للطالب وعلى الطالب حفظ المعلومة وتخزينها بدلا من أن تقوم العملية التربوية في المدرسة على أساس الحوار والتساؤل النقدي وصولا إلى الممارسة الفعلية المجتمعية.
يقترح باولو فريري أن أحد البدائل الممكنة للنموذج المصرفي هو نموذج التعلم القائم على حل المشاكل ( Problem-based learning). حيث يتم تشجيع الطلاب على التفكير وحل المشكلات التي يقدمها لهم المعلم.
كذلك ينظر هذا النموذج إلى الطالب على أنه شخص يمتلك معرفة يمكن الاستفادة منها للوصول إلى نتائج إبداعية. وبناء شخصيته المستقلة والمنتجة وهذا بالتالي سينعكس على المجتمع إيجابيا.
الأفكار النمطية وتبرير النظام:
عامل مهم اخر قد يكون سببا في تشكل الشخصيات الانفعالية هو الصورة النمطية عن المجتمعات والشعوب العربية بأنهم بتنشئتهم أكثر عنفا وانفعالية. هذه الصورة النمطية تتجاوز المجتمعات وتقودها إلى إسناد السمات النمطية إليهم سواء كانت السمات إيجابية أو سلبية والتمسك بهذه المعتقدات الخاطئة. بدلاً من التشكيك في كيفية تشكلها وانتاجها يتم شرحها وتبريرها لمجرد وجودها.
نظرية الحرمان الجماعي النسبي يؤدي للشخصية الإنفعالية:
بالإضافة للتفسيرات السابقة قد تساعدنا نظرية الحرمان الجماعي النسبي في فهم ردود الفعل الانفعالية. يعرض جاري رونسيمان وهو عالم اجتماع تاريخي الفرق ما بين الحرمان الفردي النسبي وما بين الحرمان الجماعي النسبي.
لكن عند إدراك الشخص أن الحرمان من حوله هو فردي فانه يندفع محاولا تغيير الوضع وتجاوزه. لكن عند ادراكه أن ما يحصل من حرمان هو جماعي فيكون أيضا التعبير عنه جماعيا وقد يتجلى في ردود فعل عاطفية وانفعالية بعيدة عن العقلانية والتوازن الانفعالي.
لذلك قد يكون المقال دعوة للتأمل في الأسباب ما وراء تصنيف الشخصيات. وكذلك والنظر إليها بصورة أكثر شمولية متخذين من البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مجتمعاتنا العربية أساسا لفهمها. لكن كي لا نتسرع في إعطاء الحلول الفردية لتغيير الشخصية الانفعالية كأنها نتاج تجاربها وخبراتها الشخصية فقط.