العائلة العدوانية هي العائلة التي تتبع نمط من التعبير غير المباشر عن المشاعر السلبية بدلاً من معالجتها علانية. هناك انفصال بين ما يقوله الشخص الذي يُظهر سلوكًا عدوانيًا سلبيًا وبين ما يفعله.
كل عائلة لديها غضب فلا أشك بذلك، رحلة الأبوة بالنسبة لي تحمل في طياتها الكثير من التقلبات والعواصف والتغيرات النفسية والجسدية والعاطفية وغيرها على الوالدين، فليس هناك حالة مستقرة وثابتة للعوائل خصوصا مع تعدد الاطفال.
فالعصبية إنَّه أمر محتوم لا مفر منه في الحياة وفي العائلة، ببساطة لأنَّه حرفيًا مربوط بأدمغتنا. إنَّه جزء من الوظائف الفسيولوجية لأعضائنا، تمامًا مثل الرموش والمرفقين وأصابع القدم. لكن ما يميز العوائل عن بعضها هو قدرتهم على التعامل مع هذا الغضب.
هناك العديد من الوسائل التي تستطيع العائلات استخدامها للتعامل مع الغضب، اعتمادًا على راحتهم وتكيُّفهم معها.
يمكنهم أن يستخدموا الغضب كسلاح؛ على نحو تصويري يقومون بضرب رؤوس بعضهم البعض به. يمكنهم أن يتعاملوا بدفن الغضب بعيدًا تحت الأرض، أو يمكنهم أن يتجاهلوا الغضب ويتظاهرون بأنَّه ليس موجودًا.
أنواع العائلات العدوانية
هناك ثلاثة أنواع من العائلات غير المتكيّفة مع الغضب ” العائلة العدوانية”، وتتعامل معه بطريقة غير مريحة:
1. العائلة التي تستخدم الغضب كسلاح
في هذه العائلة، يتم استخدام الغضب من قبل فرد أو أكثر كمصدر للقوة أو السلطة. وهذا الغضب يمكن التعبير عنه بمجموعة متنوعة من الوسائل العدوانية. وتكون من مثل الصراخ، أو الشتائم والإهانات، أو التعليقات الشائِكة، أو القيام برمي وتكسير الأشياء، أوغيرها من التخويفات والتهديدات الماديَّة.
الدرس الذي يتعلَّمه الأطفال أنّ الشخص الأكثرغضبًا يفوز.
2. العائلة التي تدفن الغضب
هذه العائلة تظهر الغضب على أنَّه شيء غير مقبول أو شيء سيء. مشاعر الغضب يتم اعتبارها سلوك غير محبب، وغير مُكترِث، ومُتمرِّد ويتم مقابلتها بالسلبية أو العقاب.
الدرس الذي يتعلمه الأطفال الغضب سيء. إذا كنت تشعر بالغضب، فأنت شخص سيء، لا تتحدث عن هذا الموضوع.
3. العائلة التي تتجاهل الغضب
هذه العائلة تتعامل مع الغضب كما لو أنه غير موجود. عندما يقوم أحد الأفراد فيها بإظهار نوع من الغضب، فإنَّه يتلقى القليل من التفاعل أو الاستجابة. فالغضب غير مرئي.
الدرس الذي يتعلَّمه الأطفال الغضب أمرٌ عديم الفائِدة لا تهتم به، لا تتحدَّث عنه.
السلبية العدوانية (Passive-Aggression)
هي التعبير الغير مباشِر عن الغضب والاستياء، مدفوعًا بالمشاعر التي لا يتم التحدُّث عنها بشكل مباشر.
تشير دراسة علمية نشرت على موقع MDPI الى وجود رابط بين السلبية العدوانية بين الوالدين والمشاكل التي تحدث لدى الأطفال حيث تزيد من احتمالية سلوكهم العدواني.
وأحد المظاهر الصعبة الأخرى للسلبية العدوانية، هي أنَّ مُعظم الناس غير واعيين تمامًا بسلوكهم السلبي العدواني الشخصي. غالبًا هم أيضًا غير واعين بغضبهم الشخصي المدفون بعيدًا، و لا بالاستياء الذي يغذيه ويدفعه.
الغضب المكبوت: أرض خصبة للسلبية العدوانية
الأطفال الذين ينشئون في أحد هذه الأنواع الثلاثة من العائلات، لا أحد منهم لديه الفرصة ليتعلَّموا الكثير عن الغضب. كيفية الاستماع إلى رسائله،كيفية التحكم به، كيفية التعبير عنه، أو كيفية استخدامه بطريقة صحيَّة. فبناءً على السابق، جميع هؤلاء الأطفال تتم تنشئتهم في عائلات مهملة عاطفيًا.
دعنا نركّز بشكل محدد على آخر نوعين العائلات التي تدفن الغضب، وتلك التي تتجاهل الغضب. هذان النوعان من العائلات يتشابهان في أن كل الأطفال الذين ينشؤون فيهما يتلقون رسالة تقول: “عندما يزعجك شيء ما لا تتحدث“. هذا ما يجعل كلا النوعين من العائلات أرضًا خصبة للسلبية العدوانية-Passive Aggression.
ولأنَّ الغضب مرتبط بالدماغ البشري، فهو موجود في كل إنسان، سواء أردناه أم لا. عندما تكون في بيئة لديها تعصُّب مزمِن تجاه هذا النوع من المشاعر بعينه، فإنَّك بشكل طبيعي وتلقائي ستقوم بكبت مشاعر الغضب متى ظهرت، وهذا يسبب مشاكل كبيرة لك وأيضًا في عائلتك.
ذات صلة: طرق العقاب وتأديب الأطفال حسب العمر من وجهة نظر علمية
القيام بدفع الغضب لأسفل يشبه تمامًا دَفع الماء لأسفل. يجب أن يذهب إلى مكانٍ ما، لذا رُبما يتسرَّب إلى تحت الأرض ويبقى هناك، أو رُبما يبقى جُزئيًا تحت السطح، يتموَّج ويتكدَّر مُنتظرًا الفرصة لكي يندفع خارجًا.
في هذين النوعين من العائلات المتعصِّبة ضد الغضب، فإنَّ الغضب يذهب تحت الأرض، ولكنَّه لا يختفي، بل يبقى هناك.. وعليه أن يخرج بطريقةٍ أو بأُخرى، في وقتٍ ما، بوسيلةٍ ما، وعلى الأرجح موجهًا ناحية شخصٍ ما. ويدخل الفرد في «السلبية العدوانية».
خطوات لعائلة أقل سلبية عدوانية
- تقبل أنَّ لديك غضب، تقبَّل أنَّك طبيعي وصحي، تقبَّل قيمة هذا الغضب ونَفعه، وأنَّه بإمكانك استخدامه لجَعل علاقاتك أفضل.
- قم بزيادة معرفتك ووعيك بالغضب. راقب الغضب في غيرك من الناس، راقب الغضب في نفسك. عندما تبدأ بمحاولة الشعور بغضبك، ستبدأ بكَسر الحائط الذي يعترض طريقك.
- اقرأ كل مايمكنك عن “تأكيد الذات – assertiveness” والتوكيدات الإيجابية للأطفال، وهي مهارة تسمح لك بالتعبير عن غضبك بطريقة توصل رسالة إلى الطرف الآخر بدون شكل دفاعي. اشتري كتابًا عن هذا الموضوع إن استطعت.
- عندما يحدث شيئًا ما يجعلك تشعر بالغضب، لاحظ هذا الشعور جيدًا وانتبه له. تمرَّن على التعامل معه وتحمُّله. طبِّق ما تعلمته عن “تأكيد الذات”.
خاتمة
في ختام هذا المقال، يمكن القول أن العائلة العدوانية هي بيئة مؤذية يمكن أن تتسبب في آثار سلبية عميقة على الأبناء.
من المهم فهم العوامل التي تساهم في تشكل هذه العائلات، ومعرفة أنواع السلوكيات العدوانية التي قد تحدث فيها، ومعرفة طرق حماية الذات من تأثيراتها.
إذا وجدت هذا المقال مفيدًا، فيرجى مشاركته مع الآخرين الذين قد يستفيدون منه. يمكنك أيضًا ترك تعليق في الأسفل لمشاركة تجاربك أو أفكارك.