تُعد الولادة من أهم الأحداث في حياة المرأة، فهي لحظة ميلاد طفل جديد، وبداية مرحلة جديدة من حياتها. لكن قد تخالجها أيضاً مشاعر القلق والتوتر، لا سيما لدى الأمهات لأول مرة.
في خضم التغيرات الجسدية الهائلة وتداعيات الحمل العاطفية، فإن الاستعداد النفسي للولادة يمثّل ركيزة أساسية لتجربة إيجابية ومليئة بالتمكين. ويتم ذلك من خلال مجموعة من الإجراءات التي تساعد الحامل على فهم مراحل الولادة، والتخلص من المخاوف المرتبطة بها.
ومن خلال تجربتي مع الحمل والولادة وأم لثلاثة أطفال، أردت أن أشارك معك سيدتي هذا المقال لأنقل لكِ كيف كنت أستعد نفسيا للولادة في كل مرة وأتخلص من التناقضات والتغيرات المزاجية المتكررة مثل القلق، والتعب، والإرهاق، والنعاس، وردود الفعل الاكتئابية وغيرها من التغيّرات التي تحدث خلال مراحل الحمل المختلفة…
أهمية التحضير النفسي للحامل قبل الولادة
تلعب التهيئة النفسية للحامل قبل الولادة دورًا مهمًا في تسهيل الولادة، وتقليل الألم، وزيادة رضا الحامل عن هذه التجربة.
دراسة نشرت على موقع “NIH”، وجدت أن النساء اللواتي خضعن لبرنامج تحضير نفسي قبل الولادة كانت مفيدة جدا في المساهمة بالتخلص من مخاوفهن النفسية من الولادة.
كيفية الاستعداد النفسي للولادة
عزيزتي الحامل، إن مرحلة الولادة هي مرحلة مهمة في حياتك، فهي مرحلة انتقالية من مرحلة الحمل إلى مرحلة الأمومة، ولذلك من المهم أن تكوني تحضري نفسك لهذه المرحلة. هناك العديد من الطرق التي يمكنك من خلالها الاستعداد النفسي للولادة، ومن أهمها:
1. الاطلاع على معلومات حول الولادة
يُعدُّ تحصين نفسك بالمعرفة حول الولادة خطوة أولى حاسمة لتقليل الخوف والقلق.
حيث يمكنكِ الاطلاع على الكتب والمواقع والدورات التدريبية الموثوقة التي تشرح المراحل المختلفة للولادة: المخاض المبكر والمخاض النشط، ولادة الطفل، ونزول الـمَشيمة.
استشيري طبيبكِ المُختصِّ وتحدثي مع النساء اللواتي سبق لهن الولادة لاكتساب رؤى وتجارب شخصية تُغذّي ثقتكِ بنفسكِ وبقدرتكِ على خوضِ هذه الرحلة.
2. التجهز لمضاعفات الولادة
لا تنسي إدراج إمكانية حدوث بعض المضاعفات ضمن نطاق تحضيراتكِ الذهنية. اطلعي على أنواع المضاعفات المحتملة، ولكن تجنبي التركيز الزائد عليها.
ثقِي في قدرة فريقكِ الطبي على اتخاذ القرارات الصائبة لصالح صحتكِ وصحة طفلكِ. تذكّري دائماً أن القلق المُفرط لن يُفيد، بل سينهِكُ جسدكِ وعقلكِ ويُعيقُ قدرتك على مواجهة التحديات المحتملة.
3. كلامكِ قوة: تحدثي مع نفسكِ ومع طفلكِ داخلكِ
استفيدي من قُوَّة الكلمات لتحفيز نفسك. تحدثي مع نفسكِ يومياً بتأكيدات إيجابية عن قدرتكِ على الولادة بنجاح وعيش اللحظة الذهبية مع طفلكِ. امدحي نفسكِ على ثباتكِ وقوتكِ. اقرأي أيضا: خطة الولادة: هل هي ضرورة أم رفاهية؟
تحاوري مع طفلكِ داخل رحمكِ، شاركيه مشاعركِ والتوقُّ إلى لقائه. هذا الحوار الداخلي المُحبِّب يُعزز أواصرَ الترابط ويمنحكِ طاقة إضافيةً لمواجهة أي تحد.
4. مارسي تمارين الاسترخاء
يمكن أن تساعدك تقنيات التأمل، اليوغا، الاستماع إلى الموسيقى الهادئة، أو قراءة الكتب المفضلة لديك، في تقليل التوتر والقلق، وتحسين حالتك المزاجية، وزيادة الشعور بتحكمك في الوضع. اقرأي أيضا: اليوغا خلال الحمل: استراتيجيات فعّالة لصحة الأم النفسية
فوائد اليوغا أثناء الحمل كما ذكرها مقال نشر على موقع Webmd:
- تقلل اليوغا من التوتر وأعراض الاكتئاب والقلق.
- تحسّن من تدفق الدم.
- تساعدك على الاسترخاء والبقاء إيجابية.
- تساعدك في الاستعداد المثالي للولادة.
5. الحياة الصحية: تغذيةٌ ونومٌ وعنايةٌ بنفسكِ
لا تستخفي بأثر نمط حياتكِ الصحي على استعدادكِ النفسي للولادة. تناولي طعاماً صحياً متوازناً يمد جسدك بالطاقة والمواد الغذائية اللازمة. احرصي على الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم والاسترخاء لتجديد طاقتكِ الذهنية والجسدية.
مارسي تمارينا رياضية خفيفة مناسبة لحالتكِ للحفاظ على لياقتكِ البدنية وتخفيف التوتر. تذكّري أن الجسم والعقل متعافيين يكفلان لك رحلة ولادة أكثر راحة.
6. تحضير الحقيبة وتجهيز المنزل لاستقبال طفلك
من المهم أن تحضري حقيبة الولادة مبكرًا وتضمين كل ما قد تحتاجينه، اضافة الى تحضير بيتك لاستقبال مولودك الجديد. رتّبي غرفته، هيّئي مستلزماته اليومية، واحضري ملابس مريحة لكِ ولمولودكِ.
هذه الترتيبات العملية تخفّفُ عليكِ الضغطَ بعد الولادة وتمنحكِ مساحةً أكبر للانتباه إلى نفسكِ وطفلك، وتجعلك أكثر استعدادًا.
7. الاستعانة بمن حولكِ
لا تنسي أنّكِ لستِ وحدكِ في هذه الرحلة. استعيني بمن حولكِ كالزوج فدعم الزوج والعائلة والأصدقاء في تقديم الدعم النفسي والعاطفي مهم لكِ ولطفلكِ.
تحدثي إليهم عن مخاوفكِ وتوقعاتكِ، واطلبي منهم أن يكونوا إلى جانبك في غرفة الولادة. وجودهم سيمنحكِ شعوراً بالراحة والطمأنينة ويساعدكِ على التغلب على التوتر والألم.
8. امنحي نفسكِ فرصةً للاسترخاء
لا تنسي تخصيص بعض الوقت لنفسكِ للاسترخاء والاستمتاع بالأشياء التي تحبينها.
اطلبي من زوجك أو أحد أفراد أسرتكِ تولي بعض المسؤوليات المنزلية حتى تتمكني من أخذ قسطٍ من الراحة والاستجمام. هذا سيساعدكِ على الحفاظ على طاقتك الذهنية والجسدية والاستعداد للولادة بأفضل حال.
9. تحدثي مع طبيبك
تحدثي مع طبيبك عن إمكانية استفادتك من التخدير النصفي أو أي طريقة أخرى يرشحها لك للتقليل من الإحساس بالألم وقت الولادة، واعرفي مميزات كل طريقة وآثارها، واختاري ما يناسب حالتك أكثر بعد استشارة طبيبك.
خلاصة
الاستعداد النفسي للولادة رحلةٌ طويلةٌ ومتنوعةٌ. تتطلبُ وقتاً وجهداً، لكنها تستحقُ ذلك. فالولادة تجربةٌ فريدةٌ ستُغيّر حياتك للأبد.
من المهم أن تبدئي التحضير النفسي للولادة مبكرًا، حتى يكون لديكِ الوقت الكافي لاكتساب المعرفة والمهارات اللازمة. يمكنك البدء بقراءة الكتب وتصفح المواقع الموثوقة، أو حضور الدورات التدريبية، أو التحدث إلى النساء اللواتي سبق لهن الولادة.
من المهم أيضًا أن تجدي طريقة تُناسبك لتخفيف التوتر والقلق. قد تجدين أنّ ممارسة تقنيات الاسترخاء، أو التحدث إلى شخص مقرب منك، أو إعداد خطة للولادة تساعدك على الشعور بالهدوء والتحكم في الوضع.
تذكري أنّكِ لستِ وحدكِ في هذه الرحلة. اطلبي الدعم من زوجكِ وعائلتكِ وأصدقائكِ. وجودهم إلى جانبكِ سيمنحك القوة والدعم اللازمين لتجربة ولادةٍ إيجابيةٍ مليئة بالفرح.
في الختام، آمل أن تساعدكِ هذه النصائح على ان تكوني مستعدة نفسيا للولادة وعيش تجربة إيجابية مليئة بالثقة والرضا.