التسامح مع النفس والتعاطف معها من الأمور المهمة. لكن هل تعامل نفسك جيدا؟ هل أنت في الغالب متعاون ومتعاطف ومتسامح وداعم؟ أم أنك غالبًا ما تكون ناقدًا أو متطلبًا أو لا ترحم نفسك بل وتلوم نفسك بشكل مستمر؟
معظم الناس يعاملون أنفسهم بشكل سلبي، ولا عجب أن استجابتنا للمواقف السلبية تكون أقوى. حتى أن الدماغ يميل لتذكر الذكريات السلبية أكثر من الذكريات الإيجابية. وفي الحقيقة أن يكون الشخص سلبيا أسهل بكثير من أن يفكر بإيجابية أو حتى أن يتصرف بإيجابية.
ببحث بسيط أو ملاحظة بسيطة للناس من حولنا يمكننا الجزم بذلك. فمثلا إذا كان الشخص غير مسرور بشكل جسمه فإنه يقوم دائما بلوم نفسه وتوبيخها. لكنه لو قام ببحث الخيارات التي تمكنه من تغيير هذه الصورة وقام أيضا بفهم نفسه ومشاعره فإنه سيتوصل بالنهاية إلى تغيير إيجابي في صحته النفسية التعاطف مع الذات والتسامح مع النفس والتي ستنعكس إيجابا على صحته الجسدية. فمن الممكن أن يبدأ بأداء التمارين الرياضة وعمل حمية غذائية. اقرأ أيضا العلاج النفسي عن طريق الكتابة لتحسين وتعزيز الصحة النفسية!
كيف تكون متسامحا مع نفسك؟
عرّف الباحث نيف في ورقة بحثية بعنوان الذات والهوية (2003) التعاطف مع الذات على أنه:
- “الانفتاح على معاناة المرء والتأثر بها”.
- “تجربة مشاعر الاهتمام والعطف تجاه الذات”.
- “اتخاذ موقف متفهم وغير ناقد تجاه أوجه القصور والفشل”.
- “الاعتراف بأن تجربة الفرد هي جزء من التجربة الإنسانية المشتركة”
أحد العناصر المهمة في التعاطف مع الذات هو الاعتراف بأن لا أحد يعيش “حياة ساحرة وكاملة” . خالية من الصعوبات والمواقف المجهدة. الهدف الأساسي من التعاطف مع الذات هو اكتساب المزيد من قبول الذات واللطف تجاه الذات.
من الواضح أن التعاطف مع الذات مفيد في تعزيز الصحة النفسية. فنجد أن المتعاطفين مع ذواتهم أقل عرضة للاكتئاب، وتعزز لديهم مسامحة الذات، وتحفزت عندهم المشاعر الإيجابية الأخرى، وتساعد في اكتساب الوعي بالمشاعر السلبية الذي سيؤدي إلى تشجيع السلوكيات الصحية.
لكن – وللأمانة العلمية- هناك من يعتقد أن الإفراط في التسامح مع النفس والتعاطف مع الذات قد يجعل المرء ضعيفًا وغير مجهز لتلبية متطلبات المجتمع التنافسية. بمعنى آخر ، قبول “أقل من كل ما يمكنك أن تكونه” ليس خيارًا جيدا. هذه الحجة صالحة للكثيرين ، لأن مثل هذا الاعتقاد قد يعزز الدافع حيث يدفع الناس أنفسهم لتحقيق فوائد وتنمية مهارات لم يظنوا أبدًا أنهم يستطيعون تنميتها.
إليك بعض النصائح التي قد تساعدك في أن تكون أكثر تسامحاً مع نفسك
- اعترف بأنك إنسان غير كامل: نحن جميعًا نرتكب أخطاء ونواجه تحديات. لا يمكن لأي شخص أن يكون مثاليًا في كل شيء. قبول حقيقة أنك لست مثاليًا يساعد في تخفيف الضغط عن نفسك.
- تغذية التفكير الإيجابي: حاول أن تركز على الجوانب الإيجابية في نفسك وفي مسارك الشخصي والمهني. اكتشف ما تقدره في نفسك وحققته حتى الآن. اقرأ أيضا التفكير الزائد وطرق التعامل معه!
- تحدث إلى نفسك بلطف: إذا انتقدت نفسك بشدة بسبب خطأ ما أو قرار غير صائب، حاول تحويل الحوار الداخلي إلى أسلوب أكثر لطفًا وتحفيزًا. عوضًا عن قول “أنا فاشل”، قل “لقد تعلمت درسًا جديدًا من هذه التجربة.”
- تحدى الافتراضات السلبية: كثير من الأحيان ننتج افتراضات سلبية عن أنفسنا دون أدلة قوية. حاول تحدي هذه الأفكار والبحث عن أدلة تؤكد ما هو إيجابي وقوي في شخصيتك.
- استمع إلى احتياجاتك النفسية: امنح نفسك الوقت للاسترخاء والاستمتاع بالأمور التي تحبها. العناية بصحتك النفسية والجسدية تساهم في تعزيز تقديرك لنفسك.
- تحدى القياس الذاتي: لا تقارن نفسك بالآخرين بطريقة لا منطقية. كل شخص لديه مساره وظروفه الفريدة. ركز على تحقيق أهدافك وتطورك الشخصي.
- تعلم من الأخطاء: انظر إلى الأخطاء والفشل كفرص للتعلم والنمو. لا تدع الأخطاء تعرقلك، بل استفد منها لتحسين نفسك.
- اهتم بصحتك العقلية: إذا كنت تشعر بأنك تعاني من مشاعر سلبية مستمرة أو تواجه صعوبة في التحكم فيها، فالبحث عن دعم من محترفين في مجال الصحة النفسية قد يكون مفيدًا.
إن مصطلح التعاطف مع الذات هلامي قليلا ويعتمد على كيفية تفسير الفرد لسلوكه وردات أفعاله. فالتعاطف مع الذات يقع في منطقة بين تقييم الشخص لنفسه وبين ما يمكن أن يقوم الشخص به بشكل أفضل.
حيث يقيّم الشخص جهوده ويتعاطف مع ذاته بشكل أكبر لما قد يعتبره أفضل ما يمكنه فعله. إن التعاطف مع الذات لا يزيل النكسات أو الإخفاقات أو خيبة الأمل، ولكنه أيضًا لا يولد الشعور بالذنب أو شعور التقليل من الذات.
فمن خلال الاستجابة بطريقة لطيفة وفهم أعمق لأنفسنا، قد نكتسب الدافع والقوة والثقة لتحقيق ما اعتقدنا أنه بعيد المنال. نصبح مشجعين لأنفسنا، ونحفز أنفسنا على عدم تجنب التحديات والإقدام عليها.
الجميل في الأمر أن هذا الدعم متوفر من داخل الذات (الصوت الداخلي) دائمًا بل وقد تزداد أهميته عندما تكون بيئة الشخص غير داعمة. إن تطوير وتنمية هذا النوع من الدعم الداخلي في شكل التعاطف مع الذات يعزز المرونة ويحسن من الصحة النفسية.
إن التسامح مع النفس ليس أمرًا متأصلًا أو تلقائيًا وهو بالتأكيد ليس بالشيء السهل. ولذلك يجب علينا تدريب ذواتنا على التسامح وحب الذات.