التشوهات المعرفية “Cognitive distortion ” وتحديدها هي إحدى أهداف وأساس العلاج السلوكي المعرفي، فالتشوه المعرفي وهو نمط من التفكير المشوّه وغير العقلاني الذي يسبب مشاعر سلبية. والتي بدورها تساهم في ظهور أو إدامة الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق وذلك لأنها تؤثر على نظرتنا لأنفسنا وللعالم وللأخرين بشكل واضح.
قام الطبيب النفسي آرون بيك بوضع الأسس لدراسة هذه التشوهات، وواصل طالبه ديفيد بيرنز البحث في هذا الموضوع. وصف بيرنز في كتاب ” The Feeling Good Handbook (1989 “ الحكايات الشخصية والمهنية المتعلقة بالتشوهات المعرفية والقضاء عليها. جميعنا سنجد لدينا بعض من هذه التشوهات في التفكير بدرجات متفاوتة، وكلما زادت هذه الافكار وشدتها سببت تأثير سلبي أكبر على حياة الفرد.
أشكال التشوهات المعرفية
أشكال التشوهات المعرفية كما ذكرها موقع جامعة “Harvard” :
- كل شيء أو اللاشيء “All or nothing”
كما يسمى أيضاً التفكير أبيض أو أسود دون وجود نمط تفكير رمادي أو متوسط (الذي هو الأكثر واقعية). ويكون نمط التفكير متطرف فإما أن يكون شخص (جيد أو سيء) إما ابيض أو أسود واستبعاد أن الشخص لا يتقن بعض الأمور ولكنه جيداً في غيرها “رمادي”.
ومثال على هذا التشوه المعرفي:
- “قد أجبت على سؤال واحد خطأ، إذا أنا فاشلة”.
- “لقد ارتكبت خطأ لأنني شخص سيء”.
- “فاتتني حصة واحدة في صالة الألعاب الرياضية، لذلك لن أذهب بقية الأسبوع”.
- “عند خلاف مع صديقك ويتحول تقديرك له من شخص مثالي إلى شخص سيىء”. يميل تفكير كل شيء أو لا شيء إلى التطرف، ولذلك يعمل على تحفيز القلق.
أن تنظر إلى نفسك بإسلوب أسود أو أبيض يمكن أن يؤدي إلى تدني احترام الذات لأن معاييرك مرتفعة جدًا فأنت إما “مثالي” أو “فاشل” ويؤدي إلى تطوير مخاوف من أن لا تكون جيدًا بما فيه الكفاية. فعند ملاحظتك لهذا النمط من التفكير لديك اسأل نفسك سؤال، هل هنالك تفكير متوسط قد يكون أكثر ملائمة مما اعتقد؟
“اجابتي الخاطئة على السؤال واحد لا تحدد مستوى نجاحي في” الإمتحان” “الخطأ من صفاتنا كبشر يمكن أن نصيب ونخطأ”.
2. قراءة الأفكار ” Mind reading “
أنت متأكد من أنك تعرف ما يفكر فيه الآخرون. “ربما يعتقدون أنني أحمق “، فإنك تفترض أنك تعرف ما يفكر فيه شخص آخر. أن تكون جالسا مع شخص ما وقد بدا عليه التشتت أو الإنزعاج هنا تفترض أنك غير ممتع وأن الطرف الآخر منزعجاً منك، أو أنك قلت شيئاً غبي. تقفز تلقائيًا إلى نتيجة مفادها أنك مخطئ بطريقة ما (ومن ثم ستشعر عادة بالسوء تجاه نفسك)، فقد تبدأ في القلق بشأن ما يعتقده الآخرون، وتتوقف عن تقضية الكثير من الوقت مع الآخرين وتشعر بأنك غير جيد بما فيه الكفاية، وتنسى هنا أنه قد يكون لدى شخص عشرات الأسباب لإنزعاجه وقد تكون غير واضحة لك.
- قد يكون يشعر بغثيان.
- تذكر مشكلته مع عائلته.
- تلقى رسالة فيها خبر مزعج.
إذا هل تظن نفسك فعلاً تعلم ما يفكر به الآخر؟ بالحقيقة نحن لا نعلم شيء ما لم يقل لنا الطرف الآخر.فما لدينا مجرد افتراضات، هل من المنطقي أن نتصرف بناءاً على افتراض!
3. الاعتقاد الخاطئ بأن مشاعرك هي الحقيقة “Emotional Reasoning”
إنّ الطريقة التي تشعر بها تجاه موقف ما، هي مؤشر موثوق للواقع فأنت:
- تشعر بالغيرة وعدم الأمان نتيجة هذا الشعور تبدأ في التفكير في أن صديقك يخونك، على الرغم من عدم وجود أي حقائق حقيقية تدعم ذلك.
- تشعر بالوحدة وتقرر أن لا أحد يحبك حقًا ولا أحد يريد أن يكون قريب منك.
- تشعر بالخوف من موقف ما، وبالتالي تفترض أن هنالك شيء خطير سيحدث.
فمن الجميل الإستماع الى مشاعرنا ولكن حاول ألا تصدقها دائمًا بشكل كامل، دون استكشافها والبحث عن أدلة منطقية تدعمها، اسأل نفسك إذا كان هناك دليل منطقي يدعم هذا الشعور؟ وما هي الأفكار التي سبقت هذا الشعور؟
4. تعميم استنتاج “Overgeneralization”
عندما تقوم بتعميم استنتاج حول تجربة ما وتطبيقه بشكل غير صحيح في جميع المجالات، مثل:
- لم يتم اختيارك للعب في فريق كرة القدم للمدرسة
- “أنا لست جيداً في الألعاب الرياضية، سأفشل في كل شيء” وتجنب اي محاولة للعب في أي نوع رياضة اخرى.
5. إعطاء نفسك لقب بناءاً على ما تقوم به “Labeling”
ويعني إعطاء نفسك لقب بناءاً على ما تقوم به، أو اعطاء أوصاف للآخرين بناءاً على سلوكهم في وقت معين، على سبيل المثال، شخص يلقب نفسه بالغبي لأنه نسي عيد ميلاد صديقه (ووصفه الدائم لنفسه بذلك) أو أن يصف نفسه “بالفاشل” لأنه لم ينجز عمله بالوقت المحدد.
مع هذا النوع من التشوّه المعرفي، فإنك تنسى أن السلوكيات لا تعكس دائمًا الطبيعة المعقدة للبشر. لا يوجد أي إنسان مجرد شيء واحد، الجميع أكثر بكثير من مجرد تسمية يطلقها على نفسه أو على غيره.
6. الشخصنة “personalization”
أخذ تصرفات الآخرين بشكل شخصي، أنه هو المقصود من أفعال الآخرين، وافتراض الشخص أنه مستهدف أو مستبعد من الغير، بالرغم من عدم وجود علاقة منطقية واضحة بين ما يعتقد والحقيقة.
7. تجاهل التفكير الإيجابي والتركيز عالسلبي “Mental Filter”
مع هذا النوع من التشويه المعرفي، فإنك تتجاهل جميع الجوانب الإيجابية للموقف وتركز على الجانب السلبي الوحيد له، والميل لرؤية السلبيات وتجاهل أي جوانب إيجابية، هذه التشوهات وغيرها كلما حاولنا ملاحظتها في سلوكنا وأفكارنا كلما رأينا تأثيرها على حياتنا واستطعنا العمل على تعديلها بأفكار أكثر منطقية وعقلانية.
يمكن وصف المشاعر السلبية بأنها أي شعور يسبب لك التعاسة والحزن. هذه المشاعر تجعلك تكره نفسك والآخرين ، وتقلل من ثقتك بنفسك واحترامك لذاتك ، ورضاك عن الحياة بشكل عام.
كيفية التغلب على التشوهات المعرفية والتفكير السلبي
يمكن عكس معظم أنماط التفكير غير العقلانية بمجرد الإدراك، وهذا ينطبق أيضًا على التفكير السلبي. ومع ذلك، قد تظل التشوهات المعرفية تشكل تحديًا خاصًا، خاصةً عند ارتباطها بحالات الصحة النفسية مثل اضطرابات الشخصية، مما يجعل عملية إعادة الصياغة أكثر صعوبة.
يمكن للتواصل مع أخصائي الصحة النفسية أن يساعدك في حال شعرت بأن هذه العملية تكون مرهقة للغاية. في الوقت نفسه، حاول أن تتذكر أن الأحداث نفسها ليست غالبًا ما تسبب الإزعاج، بل هي الأفكار التي تنشأ عنها.
قد لا تستطيع تغيير الأحداث، ولكن يمكنك توجيه تفكيرك المشوه نحو آفاق أكثر إيجابية. البداية بتغييرات صغيرة يمكن أن تكون فعالة. فيما يلي بعض النصائح كما ذكرها موقع “psychcentral“:
1. التركيز على التفكير
ابتعد عن الحدث المزعج قدر الإمكان وحاول التركيز على ما تقوله لنفسك حول الحدث.
2. استبدال المطلقات
بمجرد التركيز على أفكارك والتعرف على الأنماط، فكر في استبدال عبارات مثل “دائمًا” و”لا شيء” بـ “أحيانًا” و”هذا”.
3. تصنيف السلوك
حاول تصنيف السلوك بدلاً من تصنيف نفسك. على سبيل المثال، بدلاً من وصف نفسك بأنك “كسول” لعدم قيامك بتنظيف اليوم، فكر في: “لم أقم بالتنظيف اليوم”. لا يجب أن يحدد سلوك واحد شخصك.
4. البحث عن الجوانب الإيجابية
حتى لو كان الأمر صعبًا في البداية، حاول العثور على ثلاثة أمثلة على الأقل إيجابية في كل موقف. في النهاية، قد يصبح البحث عن الجوانب الإيجابية عادة طبيعية.
5. فحص الأدلة
قبل أن تستنتج، فكر في طرح الأسئلة والتحقق منها، واستجواب نفسك والآخرين للتأكد من الحصول على أكبر قدر ممكن من الحقائق. إذا كنت قادرًا، بذل المزيد من الجهد لتصديق هذه الحقائق.
تمتلك العواطف أساسًا جسديًا أقوى من المشاعر مما يعني أن الباحثين يجدونها أسهل في القياس بموضوعية من خلال الإشارات الجسدية مثل تدفق الدم ومعدل ضربات القلب ونشاط الدماغ وتعبيرات الوجه ولغة الجسد.
نصيحة فريق مارشميلو مام:
كن واعيًا للأنماط السلبية، حلل أفكارك بعناية، وقم بإعادة صياغتها بشكل إيجابي. لا تتردد في التحدث مع محترف الصحة النفسية، واملأ حياتك بالأفكار الإيجابية. تعلم تقنيات الاسترخاء وحدد أهدافًا واقعية. طلب الدعم يساعد في تعزيز التفكير الإيجابي والصحة النفسية