الحكم على الآخرين صفة يشترك بها الناس فنحن جميعاً نقوم بذلك، فنحن نطلق أحكاماً مسبقة على الناس من حولنا. إن هذا التصرف يكاد يكون غريزياً أكثر من كونه خياراً شخصياً.
نحن هنا لسنا بصدد مناقشة ما يحمله هذا التصرف من سلبيات. لكننا نود مشاركة رأي أخصائيي جامعة هارفارد وتجاربهم معكم ليتسنى لكم الإستفادة منها وتحسين ثقتكم بأنفسكم أمام الناس خصوصاً عند اللقاء الأول.
الحكم على الآخرين في اللقاء الأول: ما الذي يبحث عنه الناس؟
تشير الأبحاث إلى أن الناس يبحثون عن ثلاثة أشياء أساسية في اللقاء الأول:
- الثقة: هل يمكنني أن أثق بهذا الشخص؟
- الموثوقية: هل يمكنني الاعتماد على هذا الشخص؟
- الملاءمة الاجتماعية: هل يناسبني هذا الشخص؟
حيث أفادت البروفيسور “Amy Cuddy” عالمة نفس اجتماعي من جامعة هارفارد، بأنه عند لقاء أناس جدد فإن الأسئلة التالية هي أول ما يتبادر إلى أذهاننا: هل يمكنني الثقة بهذا الشخص؟ هل يمكنني إحترام هذا الشخص؟
لكن بالنسبة لعلم النفس، فإن طرح هذه الأسئلة على نفسك تمثل طريقة حكمك على الشخص من حيث ملائمته إجتماعياً ومن حيث صدق تعبيرات وجهه ودفئه. فالهدف الرئيسي للشخص الجديد أن تتم إجابة السؤالين السابقين بـ “نعم”.
لكن رجوعاً إلى عالمتنا Cuddy فإن معظم الناس يعتقدون أن ملائمة الشخص الجديد هو العامل الأهم. وتضيف أيضاً أنه من وجهة نظر تطوّرية فإنه من أساسيات لقائنا مع الأخرين أن نستطيع تمييز الأشخاص اللذين يستحقون ثقتنا.
لذلك فإننا إن إستطعنا الثقة بمن حولنا فإن ثقتنا هذه ستتحول لنعمة وبذلك يمكننا إكمال مسيرة حياتنا هانئين.
حكم الناس على مظهرك: هل هو عادل؟
يأتي الحكم المادي تالياً وهو كالحكم على الكتاب من شكل غلافه. معلومة قد تكون صادمة لكن لا شيء من مظهرك المادي له تأثير حقيقي على الناس بحيث يجعلهم يثقون بك أو يحترموك.
لذلك اعتماداً على دراسة أجريت بعام 2017 لعالمة النفس “Leslie Zebrowitsz” من جامعة” Brandeis” وتم نشرها على موقع المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة (NIH)، فإن الناس يحكمون عليك من خلال أربعة ملامح في الوجه وهي :
- طفولية الوجه.
- الوجه المألوف ( أن يكون وجهك مألوفاً للرائي )
- صحة الوجه ونضارته.
- التأثيرات العاطفية التي تستطيع تكوينها على وجهك.
ربما تكون بعض هذه الملامح خارجة عن سيطرتنا، لكن يمكننا التحكم بالتأثيرات العاطفية لوجوهنا ويمكننا التدرب على تحسينها، وجعل إبتسامتنا دائمة ومرافقة لنا عند لقائنا أشخاصاً جدد.
عواقب التسرع في اطلاق الأحكام على الناس
التسرع في الحكم على الناس له عواقب سلبية عديدة، منها:
- التقسيم الاجتماعي: يؤدي إلى تقسيم الناس إلى فئات بناءً على أحكامهم المسبقة. فمثلًا، قد يحكم الناس على الآخرين بناءً على عرقهم أو دينهم أو جنسهم أو طبقتهم الاجتماعية. وقد يؤدي هذا إلى التمييز والعنف والكراهية بين الناس.
- الكراهية والعنف: قد يؤدي اطلاق الحكام على الآخرين إلى الكراهية والعنف بين الناس. فمثلًا، قد يحكم الناس على الآخرين بناءً على معتقداتهم السياسية أو الدينية. وقد يؤدي هذا إلى أعمال عنف مثل الحروب والاضطهاد.
- الإحباط والشعور بالظلم: قد يؤدي الحكم السريع على الأشخاص إلى الإحباط والشعور بالظلم لدى الأفراد الذين يتعرضون للحكم السلبي. فمثلًا، قد يحكم الناس على شخص ما بناءً على مظهره الخارجي. وقد يؤدي هذا إلى الشعور بالظلم لدى هذا الشخص، لأنه لا يُعامل على أساس صفاته الداخلية.
قد يهمك القراءة حول الشخصية الانطوائية وما هي أسبابها؟
الخاتمة
الحكم على الآخرين أمر لا مفر منه، لكن يمكننا الحد من آثاره السلبية من خلال الوعي بالأحكام المسبقة التي نحملها، ومنح الناس فرصة للتعريف عن أنفسهم، والتركيز على الجوانب الإيجابية فيهم.
فيما يلي بعض التوصيات العملية التي يمكن أن تساعدنا على الحد من الحكم على الآخرين:
- كن على دراية بالأحكام المسبقة التي تحملها: من المهم أن نكون على دراية بالأحكام المسبقة التي نحملها، حتى نتمكن من تجنبها. يمكننا القيام بذلك من خلال التفكير في أفكارنا ومشاعرنا تجاه الآخرين، والتعرف على ثقافتنا وخلفيتنا.
- امنح الناس فرصة للتعريف عن أنفسهم: بدلًا من الحكم على الناس بناءً على انطباعنا الأول عنهم، يجب أن نمنحهم فرصة للتعريف عن أنفسهم. يمكننا القيام بذلك من خلال طرح الأسئلة عليهم والاستماع إلى إجاباتهم.
- ركز على الجوانب الإيجابية في الناس: من المهم أن نركز على الجوانب الإيجابية في الناس، بدلًا من التركيز على الجوانب السلبية. يمكننا القيام بذلك من خلال البحث عن الأشياء التي نتفق عليها مع الآخرين، والتركيز على نقاط قوتهم.
من خلال تطبيق هذه التوصيات، يمكننا أن نخلق مجتمعًا أكثر انفتاحًا وتسامحًا.