العلاج المناعي للسرطان، تلك القفزة النوعية التي قلبت موازين علاج السرطان رأساً على عقب، حقق نتائج مذهلة في محاربة العديد من أنواع السرطان. حيث أظهرت دراسة حديثة نشرت على موقع NIH، الى أنه يمكن زيادة معدلات البقاء على قيد الحياة لمرضى سرطان الرئة بنسبة تفوق 15% باتباع العلاج المناعي.
ومع ذلك، لا يزال العلاج المناعي يواجه بعض التحديات، حيث لا يستجيب جميع المرضى له، كما أنه قد يسبب بعض الآثار الجانبية.
لذا، نأمل أن يقدم هذا المقال معلومات قيّمة للمرضى وأسرهم، ويساعدهم على فهم العلاج المناعي للسرطان بشكل أفضل.
ماهو العلاج المناعي للسرطان
العلاج المناعي للسرطان هو نهج علاجي يُستخدم لتحفيز جهاز المناعة لدى المريض لمحاربة السرطان بشكل أكثر فعالية والقضاء عليه. يعتمد هذا النهج على تنشيط الخلايا المناعية، مثل خلايا الدم البيضاء وأعضاء وأنسجة الجهاز الليمفاوي، التي تلعب دورًا رئيسيًا في مكافحة العدوى والأمراض، بما في ذلك السرطان.
السرطان هو تغيرات في الجينات التي تتحكم بنمو خلايا أجسامنا، بحيث تبدأ نمو بعض خلايا الجسم بالإنقسام بشكل غير طبيعي وسريع الإنتشار في الأنسجة المحيطة ويكون هذا النمو الشاذ خارج نطاق سيطرة الجسم. بحيث تستطيع الخلايا السرطانية أن تتجاهل الإشارات التي تخبر الخلايا عادة بوقف الإنقسام الشاذ أو الدخول في الموت الخلوي للتخلص منها.
وقد تتمكن الخلايا السرطانية من التأثير على الخلايا الطبيعية والجزيئات والأوعية الدموية التي تحيط بها من أجل تغذية الورم. كما تستطيع الخلايا السرطانية في كثير من الأحيان التهرب أو الإختباء من جهاز المناعة.
أنواع السرطانات التي يمكن علاجها بالعلاج المناعي
يشير معهد أبحاث السرطان الأمريكي الى أنواع السرطانات التي يمكن معالجتها باستخدام العلاج المناعي كما يلي:
- سرطان المثانة
- سرطان الدماغ
- سرطان الثدي
- سرطان عنق الرحم
- سرطان الأطفال
- سرطان قولوني مستقيمي
- سرطان المريء
- سرطان الرأس والرقبة
- سرطان الكلى
- سرطان الدم
- سرطان الكبد
- سرطان الرئة
- سرطان الغدد الليمفاوية (هودجكين وغير هودجكين)
- سرطان الجلد
- الورم النقوي المتعدد
- سرطان المبيض
- سرطان البنكرياس
- سرطان البروستات
- ساركوما
- سرطان المعدة
- سرطان الرحم (بطانة الرحم).
كيف يعمل الجهاز المناعي؟
عندما نتحدث عن “جهازنا المناعي”، فإننا نقوم بوصف شبكة معقدة ورائعة من الأعضاء والأنسجة والخلايا المتخصصة التي تحمينا من العدوى والأمراض.
حيث يعمل جهازنا المناعي كما ينبغي له، فإنه يتعرف على الخلايا غير الطبيعية والجراثيم المضرة (الكائنات الحية المعدية التي تسبب المرض) ويقضي عليها. وقد تطور جهاز المناعة أيضا وأصبح يتعرف على الخلايا السرطانية ويقضي عليها.
إن أبسط خلايا الجهاز المناعي تكتشف بشكل تلقائي البكتيريا التي تجتاح الجسم، والخلايا السرطانية، وقد تطورت خلايا الجهاز المناعي الأكثر تخصصا. مثل الخلايا اللمفاوية البائية والتائية وتعلمت كيف تتعرف على الأهداف الجديدة.
لنتخيل أن الخلايا اللمفاوية هي حارسة نقطة الحدود. فكلما صادفت الخلايا الليمفاوية البائية والتائية أي خلية أخرى، فإنها تتحقق من هويتها من خلال مقارنة البروتينات الظاهرة فوق سطح الخلية.
وإذا ثبت لدى الخلايا الليمفاوية أنها خلية “صديقة”، فإنها تسمح لها بالمرور. لكن إذا كانت البروتينات الطافحة على سطح الخلية غير طبيعية ستعتبرها خلية “عدوة” وتطلق صفارة الإنذار وتشّغل بالتالي نظامها الهجومي وترسل أيضا إشارات للحصول على الدعم من باقي الجهاز المناعي. هذا يعني قدرة الجهاز المناعي في القضاء على كل السرطانات أثناء نموها بشكل تقريبي.
ولكن من الممكن أن تكون الخلايا السرطانية شبيهة تقريبا بالخلايا الإنسانية العادية. إذ يعمد السرطان في هذه الحالة إلى إستعمال أسلوب تمويه طبيعي لخداع الجهاز المناعي ودفعه للإعتقاد بأن الخلايا السرطانية هي خلايا طبيعية وهنا لا يستطيع الجهاز المناعي التعرف عليها وبالتالي نمو هذا الخلايا وانتشارها وتشكيل الورم.
مقالات ذات صلة: تمارين رياضية لمرضى السرطان وجدول تمارين سهلة!
إكتشاف العلاج المناعي
شكل ثورة في علاج الأورام بعد إكتشافه، والذي أثبت فعالية كبيرة في الشفاء من السرطان، بل يتوقع خبراء العالم في الأورام. ربما يكون العلاج هو العلاج الشافي من السرطان المناعي وخاصة بعدما ثبت نجاحه في علاج سرطان الجلد، والرئة، والكبد والكلى، والمثانة، والمعدة، وحاليا الأبحاث تجرى عليه لعلاج سرطان الثدي.
إن هدف العلاج المناعي هو تحريض الجهاز المناعي لمهاجمة الخلايا السرطانية عبر إستهداف البروتينات ( الأنتيجينات ) المرتبطة بالسرطان أو إستخدام مواد معدة خارج الجسم مثل أجسام مضادة أحادية النسل (monoclonal antibodies ) والتي لا تستطيع الخلايا الليمفاوية إنتاجها بل يتم حقنها بالجسم.
الأجسام المضادة عبارة عن بروتينات تنتج بواسطة الجهاز المناعي وترتبط بالأنتيجين المستهدف على سطح الخلايا.
في الظروف الطبيعية، فإن الجسم يصنع هذه الأجسام المضادة ويستخدمها لمحاربة الجراثيم والأجسام الغريبة>بحيث يكون كل جسم مضاد مصنَع خصيصا لنوع معين من البروتينات الخاصة بالجراثيم.
هناك العديد من الاجسام المضادة التي تم الموافقة على إستخدامها لعلاج مختلف الحالات المرضية مثل: Alemtuzuma, Ipilimumab, Nivolumab, Ofatumumab, Rituximab .
الآثار الجانبية للعلاج المناعي
على الرغم من فاعلية العلاج المناعي في محاربة السرطان، إلا أنه يمكن أن يسبب آثارًا جانبية. فبحسب المعهد الوطني الأمريكي للسرطان، يمكن أن يقوم جهاز المناعة المحفَّز لمحاربة الورم باستهداف الخلايا والأنسجة السليمة أحيانًا.
تختلف هذه الآثار من شخص لآخر وتعتمد على عدة عوامل، مثل صحة المريض قبل العلاج ونوع السرطان ومدى انتشاره وجرعة و نوع العلاج المناعي.
من المهم مناقشة الطبيب حول العلامات التي يجب الانتباه لها عند حدوث مشاكل، فبعض الآثار شائعة مع جميع أنواع العلاج المناعي، وتشمل ردود فعل جلدية حول موقع الحقن مثل الألم والتورم والاحمرار والحكة والطفح الجلدي.
كما يمكن أن تظهر أعراض تشبه الإنفلونزا، مثل: الحمى والقشعريرة والضعف والدوخة والغثيان أو القيء وآلام العضلات والمفاصل والإرهاق والصداع وصعوبة التنفس وارتفاع أو انخفاض ضغط الدم.
تشمل الآثار الجانبية الأخرى المحتملة:
- تورم وزيادة الوزن بسبب احتباس السوائل.
- خفقان القلب.
- احتقان الجيوب الأنفية.
- إسهال.
- عدوى.
- التهاب الأعضاء.
من النادر حدوث تفاعلات حساسية شديدة أو مميتة متعلقة بالالتهاب، ولكن من الضروري إبلاغ الطبيب على الفور بأي أعراض غير معتادة.
اخلاء مسؤولية: هذا المقال هو لأغراض إعلامية عامة فقط، ولا يُغني عن استشارة الطبيب المختص. المعلومات الواردة هنا لا تشكل نصيحة طبية ولا تشخيصًا لأي حالة مرضية.
تمت المراجعة الطبية بواسطة الدكتورة Alia Kiwan