التعامل مع القلق مهارة يمكن تعلمها وممارستها وتطبيقها مع الوقت وبطرق فعّالة. حيث أنّ القلق شعور طبيعي فطري يأتي استجابة من الإنسان على الأحداث البيئية المحيطة، مما يدفعه لتحضير وتحسين نفسه نحو الأفضل.
البعض من القلق ضروري لاستكمال حياتنا بشكل طبيعي، لكن متى يصبح ظاهرة بحاجة للإنتباه والعلاج؟ يصبح أمراً جدياً وبحاجة للانتباه في حالة تداخله في كل مناحي حياتنا؛ حيث يمنعنا من التصرف بطريقة طبيعية ويبدأ بالتأثير على قوام حياتنا وعلى صحتنا الجسدية.
فيبدأ الإنسان القلِق بالإحساس بالصداع وآلام المعدة والإرهاق العام ومن الأرق ومن مزاج سيئ بشكل عام. حيث يبدأ الدماغ بتضخيم المشاكل ورسم نهايات تراجيدية. وتبدأ الأفكار السلبية تدلوا بدلوها ونبدأ باستخدام العقل العاطفي الحساس، فتزداد حساسيتنا لكل شيء وكلمة وموقف من حولنا.
لكننا أيضا نلاحظ أن بعض الناس اللذين يمرون بظروف مشابهة أو حتى ظروف أقسى من ظروفنا يمتلكون رباطة جأش قوية تجعلنا نتسائل كيف لهم أن يتصرفوا بهذا الشكل الرزين؟ إنهم فقط دربوا أنفسهم على التعامل مع القلق.
استراتيجيات تساعدك في التعامل مع القلق
تجربة مجموعة متنوعة من هذه الاستراتيجيات يمكن أن تساعدك في التحكم في مشاعر القلق وتقليل تأثيرها على حياتك. إليك بعض النصائح الفعّالة:
- التنفس العميق والتأمل: قد تكون التقنيات التنفسية والتأمل فعّالة في تهدئة العقل وتخفيف القلق. جرب الجلوس في مكان هادئ وتنفس بعمق وببطء، وركز على التنفس لفترة معينة. هذا يمكن أن يساعد في تقليل التوتر والقلق.
- ممارسة الرياضة: النشاط البدني من شأنه أن يحسن مزاجك ويقلل من مشاعر القلق. قم بممارسة الرياضة بانتظام، سواء كانت المشي أو الجري أو اليوغا أو أي نشاط آخر تستمتع به.
- تحديد ومعالجة الأفكار السلبية: قد تكون مشاعر القلق مرتبطة بأفكار سلبية. حاول تحديد هذه الأفكار ومراجعتها بشكل منطقي. هل هناك دليل حقيقي يدعم هذه الأفكار؟ هل يمكن تصور سيناريوهات أخرى أكثر إيجابية؟
- تنظيم الوقت والتخطيط: تنظيم وتخطيط أنشطتك اليومية يمكن أن يقلل من القلق بشكل كبير. قم بإنشاء قائمة مهام وجدول زمني وحاول الالتزام بهما.
- التفكير الموجه نحو الحلول: بدلاً من التفكير في المشكلات بشكل سلبي، حاول التفكير في الحلول الممكنة والخطوات التي يمكنك اتخاذها للتغلب على التحديات.
- البقاء اجتماعيًا: تواصل مع الأصدقاء والعائلة وشارك مشاعرك معهم. قد يكون لديهم نصائح مفيدة أو دعم يمكن أن يساعدك.
- البحث عن المساعدة المهنية: إذا كان القلق يؤثر بشكل كبير على حياتك ولا يمكنك التعامل معه بمفردك، فلا تتردد في التحدث مع محترف نفسي. العلاج النفسي يمكن أن يكون فعّالًا في تعلم كيفية التعامل مع القلق والتغلب عليه.
كيف تدرب نفسك في التعامل مع القلق
1. أحضر ورقة وقلم وخذ نفساً عميقا ً ثم أغمض عينيك لدقيقة. جمع الأفكار التي تسبب لك القلق وابدأ بكتابتها على الورقة. يميل عقلنا بشكل فطري إلى المبالغة في كل شيء. لذلك فإن كتابة المشكلة على الورقة سيمرر بشكل لا واعي للعقل بأنك لطالما كنت تبالغ. وبهذه الطريقة ستبدأ بملاحظة نفسك أنك الآن تقلق. بعد أن تلاحظ نفسك أنك تقلق إبدأ بتسجيل الظروف المحيطة بك، هل أنت جائع؟أو عطش؟ هل تشعر بالحر؟ هل نلت قسطاً وافراً من النوم أو تشاجرت مع أحد؟
بهذه الطريقة يمكنك خلق نمط لتتعرف أكثر على أسباب قلقك، فلربما يكون سبب قلقك الجوع أو العطش أو الظروف الأخرى التي إذا استطعت علاجها فإنك ستعالج قلقك.سيحتاج منك خلق النمط أكثر من جلسة، لذلك داوم على كتابة ما يقلقك دائما.
2. استخدم القلم والورقة مرة أخرى لكن هذه المرة لتسجل فيها نجاحاتك السابقة في التعامل مع القلق. دوّن بجلسة عصف ذهني كل المواقف التي استطعت التعامل مع القلق والتغلب عليه. اكتب كيف كنت قويا واستطعت التعامل مع القلق، اقرأ جميع المواقف بصوت عال وأعد لنفسك المشاعر التي شعرتها في تلك المواقف. بهذه الطريقة ترسل لدماغك رسائل مفادها أنك ستتغلب على القلق وستتعامل معه.
3. مارس التأمل، فالتأمل من أفضل النشاطات التهديئية، إن من شأن ممارسة التأمل أن يعيد الإنسياب الطبيعي لمشاعرنا ويوازنها. سيجعلك التأمل تتقبل نفسك ومحيطك وسيخفف كثيرا من قلقك وسيعيد مستويات طاقتك لمكانها الصحيح، يوجد في موقعنا مقالات رائعة عن فوائد التأمل وكيفية القيام به ننصحك بقراءتها.
4. التخلي؛ أحياناً نكون ضمن علاقة تجعلنا تحت ضغط وقلق دائم أو شخص يتعمد إقلاقنا دائماً أو وظيفة مؤرقة وموترة للأعصاب. فالحل الأمثل في مثل هذه الحالات هو التخلي، إن صحتك الجسدية والعقلية أثمن بكثير من علاقة أو عمل. أما إذا كان ما يقلقك هي أفكار وذكريات من الماضي فاكتبيها على ورقة ثم مزقها أو أحرقها أو ألقها في المرحاض وردد بصوتٍ عالٍ خلال عملية الإتلاف أنا أتخلى عنك أنا أتركك. وكلما عاودتك هذه الذكريات ردد مجدداً بصوت عالٍ أنا تخليت عنك أنا تركتك لن أفكر بك مرة أخرى لن أسمح لك بالسيطرة على عقلي وحياتي. ستمارس هذا التمرين أكثر من مرة ثم سيتبرمج عقلك على التخلي عن هذه الذكرى أو الفكرة السيئة وستنتصر.
5. في حال كان قلقك عنيداً وبدأ يسيطر على حياتك ويؤثر على جودتها؛ فإننا ننصحك بمراجعة المختصين حيث يمكن أن يدلك على علاجات سلوكية متخصصة أو علاجات كيميائية لقيت صدىً رائعاً في السيطرة على القلق والتعامل معه.
تأثير التعامل مع القلق على حياتك
التعامل مع القلق بشكل فعّال يمكن أن يكون له تأثير كبير على جودة حياتك بشكل عام. إليك بعض الأثر الإيجابي الذي يمكن أن تحققه عندما تتعامل بنجاح مع مشاعر القلق:
- زيادة الراحة والسلام النفسي: بمجرد أن تتعلم كيفية التحكم في مشاعر القلق، ستلاحظ زيادة في الراحة والسلام النفسي. ستكون قادرًا على الشعور بالاسترخاء والتأقلم بشكل أفضل مع التحديات اليومية.
- تحسين العلاقات الاجتماعية: قد يؤدي القلق إلى توتر العلاقات الاجتماعية وزيادة التوتر في التفاعل مع الآخرين. عندما تتحكم في القلق، يصبح من الأسهل التفاعل بشكل إيجابي مع الأصدقاء والعائلة والزملاء.
- تحسين الأداء الوظيفي والأكاديمي: القلق قد يؤثر على أدائك في العمل أو في الدراسة. عندما تقلل من مستويات القلق، ستكون أكثر قدرة على التركيز والإنتاجية وتحقيق الأهداف المهنية والأكاديمية.
- صحة جسدية أفضل: القلق المزمن يمكن أن يؤثر على الصحة الجسدية. عندما تتعامل معه بشكل فعّال، يمكن أن يقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم ومشاكل الهضم.
- زيادة الثقة بالنفس: عندما تتعلم كيفية التغلب على مشاعر القلق، ستشعر بزيادة في الثقة بالنفس. ستكون أكثر استعدادًا لتحديد الأهداف ومتابعتها وتحقيقها.
- تحسين نوعية النوم: القلق قد يؤثر سلبًا على نوعية النوم. عندما تتعامل معه بشكل فعّال، ستلاحظ تحسنًا في نوعية نومك، مما يزيد من استراحتك ونشاطك خلال النهار.
- تحسين التواصل والعلاقات الشخصية: قد يساعد التعامل مع القلق في تحسين مهارات التواصل والفهم الشخصي، مما يسهم في بناء علاقات أفضل مع الآخرين.
- زيادة القدرة على التعامل مع التحديات: بمجرد تطبيق تقنيات التعامل مع القلق، ستصبح أكثر قدرة على التعامل مع التحديات والمواقف الصعبة بثقة وفعالية.