اضطراب جسدي الشكل Somatic Symptoms Disorder ، وهو اضطراب نفسي يميز من خلال أعراض جسدية مختلفة ومتغيرة توحي للمريض وللأخصائي بأمراض أو علل في الجسم. هل عرفتم ذلك الشخص الذي يشكو دائماً من عللٍ مختلفة وكل مرة ترونه فيها يشكو من أعراض جديدة وخطيرة. في حياة كل واحد منا يوجد ذلك الشخص، إنه فعلاً مريض لكن ليس بهذه الأمراض التي يتوهم بها وليس بهذه الأعراض التي يشكو منها.
مقالات ذات صلة:
لكن هذه الأعراض لا يمكن تفسيرها بشكل كامل من خلال الحالة الطبية العامة أو من خلال تأثير مادة ما وليس لها ارتباط بأي مرض نفسي آخر مثل الفوبيا أو الهلع. وعند إجراء تحاليل لهذا المريض فإنها طبيعية ولا يمكن إيجاد أي سبب واضح لهذه الأعراض.
هؤلاء الأشخاص يكونون دائماً في همٍ وكدرٍ فيما يخص صحتهم ودائماً يتوهمون بصور متفاقمة للوضع الصحي الخاص بهم. عادةً تظهر هذه الأعراض في سن المراهقة لما لهذه الفترة من حساسية بالغة يحرص فيها المراهق على جذب الانتباه والتعاطف من الآخرين. لكن العدد الأكبر من المرضى هم في العقد الثالث من أعمارهم. لا يوجد علاقة بين المرض وبين الحالة الإجتماعية أو الوضع المادي للمرضى.
كيف يستطيع المعالج التمييز بين الأعراض الحقيقية وبين الأعراض الوهمية التي تصيب مرضى الاضطراب الجسدي الشكل ؟
- الأفكار المستمرة التي تصاحب المريض لا تتناسب مع خطورة الأعراض.
- هناك عرض واحد على الأقل ثابت ومستمر وباقي الأعراض تأتي وتذهب على فترات مختلفة.
- يداوم المريض على زيارة أطباء من تخصصات مختلفة، دون أن يقتنع بتشخيص أحدٍ منهم.
- إذا أخبره أحد الأطباء بعدم وجود أي مرض عضوي لديه يستدعي الخوف، فإن ذلك يزيد من اضطرابه وخوفه بدلاً من طمأنينته.
ويصيب هذا المرض من 5 إلى 7 % من البالغين حول العالم، مما يعني أن هذه النسبة ليست قليلة ولذلك قد نصادفهم في حياتنا كثيراً. وتصاب النساء عشر أضعاف الرجال بهذا المرض، ويعتقد الباحثون أن هناك العديد من العوامل بما في ذلك الحساسية البيولوجية ( وهي أكثر شيوعاً عند النساء ). التعرض للضغط النفسي والعوامل النفسية مثل طرق التفكير المكتسبة في سياق البيئة الإجتماعية وكذلك الإعتداءات البدنية والجنسية في فترة الطفولة.
كذلك ضعف الوعي بالعواطف والنمو العاطفي لدى الأطفال من قِبَل ذويهم، وقد يكون الطفل تعرض لإهمال الوالدين أو لعدم وجود أسرة مترابطة. كل هذه العوامل في فترة الطفولة تجعل منه بالغاً محباً لجذب الإنتباه ومضطرباً في التعامل مع مشاعره وإحساسه وخائفاً من التعرض لأي وعكة صحية.
كذلك القلق المفرط أو الإهتمام المبالغ بالتغيرات الجسدية وانخفاض مستوى تحمل الألم عند بعض الأشخاص أحياناً يكون سبباً لظهور الاضطراب الجسدي الشكل. كذلك مدمني المخدرات ومدمني الكحول هم من أكثر الناس عرضة للاصابة بهذا المرض.
أشهر الأعراض التي يشكو منها هؤلاء المرضى هي :
- الألم إما في الصدر أو المفاصل أو الظهر أو أي منطقة في الجسم.
- الصداع.
- عدم القدرة على الحركة بسهولة.
- الدوخة والضعف العام.
- آلام البطن ومشاكل الإخراج إما إسهال أو إمساك.
غالباً المرضى يشكون من عدة أعراض مجتمعة معاً وقد تتراوح هذه الأعراض بين خفيفة وشديدة جداً. وما بين 30 إلى 50 % من المرضى يعانون من القلق أو الاكتئاب مصحوباً بأرق مستمر في الليل.
أما العلاج، فهو في هذه الحالة يكون علاج سلوكي معرفي أو إدراكي. حيث تتم إحالة المريض إلى طبييب نفسي ويخضع لجلسات تتم فيها تنمية إدراكه بمرضه وتداعياته. وقد تساعد أدوية الاكتئاب والعلاج الدوائي للاضطرابات النفسية مثل الهلع في التخلص من القلق والخوف المصاحب للمرض.